تعالوا نرصد هذا الذي يخرب متاعنا ، فرصدوه فإذا هو غلام كأحسن ما يكون من الغلمان ، فقالوا أنت الذي تخرب متاعنا؟ فقال نعم مرة بعد مرة ، واجتمع رأيهم على أن يقتلوه فبيتوه عند رجل ، فلمّا كان الليل صاح. فقال : ما لك؟ فقال : كان أبي ينومني على بطنه. فقال : نعم فنم على بطني ، فلم يزل بذلك الرجل حتى علّمه أن يعمل بنفسه ، فأولا علّمه إبليس والثانية علمه هو ، يعني لغيره. ثم انسلّ (١) ففر منهم فأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه شيء لا يعرفونه ، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بعضهم ببعض ، ثم جعلوا يرصدون مار الطريق فيفعلون به حتى ترك مدينتهم الناس ، ثم تركوا نساءهم ، فأقبلوا على الغلمان ، فلما رأى إبليس لعنه الله أنه قد أحكم أمره في الرجال دار إلى النساء ، فصيّر نفسه امرأة ، ثم قال إن رجالكم يفعلون بعضهم ببعض قلن نعم قد رأينا ذلك ، وعلى ذلك يعظهم لوط. وما زال يوصيهن حتى استكفت النساء بالنساء فلما كملت عليهم الحجة ، بعث الله عزوجل جبرائيل وميكائيل وإسرافيل في زي غلمان عليهم أقبية ، فمروا بلوط وهو يحرث فقال أين تريدون؟ فما رأيت أجمل منكم قط ، قالوا أرسلنا سيدنا إلى رب هذه المدينة ، قال : ولم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه القرية؟ يا بني إنهم والله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم! فقالوا له أمرنا سيدنا أن نمر في وسطها ، قال : فلي إليكم حاجة؟ قالوا : وما هي؟ قال : تصيرون هاهنا إلى اختلاط الظلام؟ فجلسوا ، فبعث ابنته فقال : هاتي لهم خبزا وماء وعباءة يتغطون بها من البرد. فلما أن ذهبت إلى البيت أقبل المطر وامتلأ الوادي ، فقال لوط : الساعة تذهب بالصبيان الوادي ، قال : قوموا حتى نمضي ، فجعل لوط ، يمشي في أصل الحائط وجعل الملائكة يمشون وسط
__________________
(١) انسلّ : انطلق في استخفاء.