واستكشاف (١) أنّ موردها كان خارجا عن حكم العام واقعا وإن كان داخلا
______________________________________________________
(١) بالجرّ معطوف على «تخصيص عموماتها» ومفسّر له ، وضمير «عموماتهما» راجع إلى «الكتاب والسنة» وضميرا «بها ، موردها» راجعان إلى الخصوصات ، وضمير «فيه» إلى «حكم العام ظاهرا». يعني : لم يكن بأس باستكشاف أنّ مورد الخصوصات كان خارجا عن حكم العام واقعا وإن كان داخلا في حكمه ظاهرا بمقتضى أصالة العموم.
__________________
التأخير لأجل المصلحة في إخفاء الخصوصات أو المفسدة في إبدائها.
لكن يبعّد هذا الوجه ما تقدم سابقا من : أن اختفاء القرائن مع كثرة الابتلاء بها وشدّة الاهتمام بضبطها بعيد جدّاً.
وكذا يبعّد الوجه الثاني ـ وهو نسخ الحكم الظاهري الّذي يقتضيه الأصل اللفظي أعني أصالة العموم ـ أنّ النسخ هو رفع اليد عن الحكم الفعلي الثابت واقعا ، لا رفع اليد عن الحكم الظاهري الّذي يقتضيه الأصل اللفظي ، فلا بد أن يراد به النسخ الحقيقي الّذي قد عرفت في التوضيح بعده.
فأوجه الوجوه الثلاثة التي ذكرت في دفع الإشكال هو الوجه الأوّل أعني التخصيص ، ودفع محذور قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة بمصلحة الإخفاء أو مفسدة الإظهار. وهذا الوجه هو الّذي ارتضاه الشيخ «قده» ، حيث قال : «فالأوجه هو الاحتمال الثالث أعني كون المخاطبين بالعامّ تكليفهم ظاهرا العمل بالعموم المراد به الخصوص واقعا» إلى أن قال : «والحاصل : أن المستفاد من التتبع في الأخبار ـ والظاهر من خلوّ العمومات والمطلقات عن القرينة ـ أنّ النبي صلىاللهعليهوآله جعل الوصي عليهالسلام مبيّنا لجميع ما أطلقه وأطلق في كتاب الله الكريم ، وأودعه علم ذلك وغيره. وكذلك الوصي بالنسبة إلى من بعده من الأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين» ، فبيّنوا ما رأوا فيه المصلحة ، وأخفوا ما رأوا المصلحة في إخفائه».
ويؤيد هذا الوجه : بيان الأحكام تدريجا في صدر الإسلام ، وعدم اقتضاء المصلحة بيانها دفعة حتى ورد : أنّ المسلمين في أوّل ظهور الإسلام لم يكلّفوا إلّا بالتوحيد واعتقاد الرسالة إلى عشر سنين.
وبالجملة : فالالتزام بوجود المصلحة في إخفاء الخصوصات كإخفاء كثير من الأحكام مما يساعده النقل والاعتبار ، والله تعالى هو العالم.