فالمراد (١) أنّ مثله (٢) إذا حكم كان
______________________________________________________
وحيث كان نفوذ قضاء المجتهد مستندا إلى النصب صحّ إسناد قضائه إليهم عليهمالسلام ، فكما يصحّ إسناد حكم الوالي إلى السلطان ـ وإن لم يكن السلطان حاكما به مباشرة بل ولو لم يطّلع عليه أيضا ـ فكذلك يصحّ أن يستند قضاء الفقيه الجامع للشرائط إلى الأئمة عليهمالسلام ، لكونه منصوبا عنهم عليهمالسلام.
وعليه فيكون الباء في «بحكمنا» للسببية حينئذ ، ومن المعلوم أن هذا الإسناد مجازي ، لفرض صدور الحكم من المجتهد الّذي هو فاعل مختار ، ولا ينطبق عليه ضابط المسبب التوليدي حتى يكون إسناد حكم الفقيه إلى الإمام صحيحا بلا عناية التسبيب كما يصح إسناد الإحراق إلى الملقي في النار.
والظاهر من «حكم بحكمنا» هو هذا الاحتمال الثاني ، لا الأوّل حتى يشكل نفوذ قضاء المجتهد الانسدادي. والشاهد على إرادة هذا المعنى الثاني هو : أن حكم المجتهد قد يكون في الشبهة الحكمية كنزاع الورثة في خروج منجزات المريض من الأصل أو من الثلث ، فمراجعتهم إلى القاضي إنما هو لاستعلام الحكم الشرعي الكلي وهو فتواه في المسألة ، وقد يكون حكم المجتهد في الشبهات الموضوعية كملكيّة دار لزيد وزوجية هند لعمرو ، ومن المعلوم أنّ كل واحد من هذه الأحكام الجزئية ليس حكما لهم عليهمالسلام ، فإنّ شأنهم بيان الأحكام الكلية على نحو القضايا الحقيقية ، وأمّا خصوص مالكية زيد لهذه الدار فليس حكما صادرا منهم عليهمالسلام حتى ينطبق عليه «فإذا حكم بحكمنا» بناء على الاحتمال الأوّل.
وحينئذ فإمّا أن يلتزم بالمعنى الثاني ، وإمّا باختلال أمر القضاء في الموضوعات الخارجية ، وحيث إنه لا سبيل للالتزام بالأخير فلا بد أن يراد من «بحكمنا» نصب المجتهد للقضاء ، ومنع هذا المنصب إيّاه.
(١) هذا دفع التوهم ، وقد عرفت توضيحه بقولنا : «وقد دفع المصنف هذا الإشكال بأنّ قوله عليهمالسلام : فإذا حكم بحكمنا ليس ظاهرا في كون المقضيّ به ... إلخ».
(٢) أي : مثل هذا المجتهد الانسدادي الّذي صدق عليه أنّه عارف بأحكامهم عليهمالسلام.