.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
مقدمات كثيرة. لكنه لا يوجب اختلافا في معنى الاجتهاد والتفقه.
لكن قد يشكل الاستدلال بهذه الكريمة على حجية الفتوى بامتناع إرادة القبول تعبدا ، لوجهين :
أحدهما : استناد الأئمة الطاهرين عليهمالسلام إليها في مسألة وجوب الفحص عن الإمام بعد أن حدث بالإمام حدث ، ومن المعلوم مطلوبية العلم بإمامة الإمام اللاحق ، لئلا يندرج في قوله (عليهالسلام) : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» والروايات كثيرة مذكورة ذيل الآية الشريفة في تفسير البرهان ، ونقتصر على ذكر واحدة منها تبركا ، وهي ما رواه عن ثقة الإسلام عن محمد ابن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن يعقوب بن شعيب ، قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : إذا أحدث على الإمام حدث كيف يصنع الناس؟ قال : أين قول الله عزوجل : فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون؟ قال : هم في عذر ما داموا في الطلب ، وهؤلاء الّذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم» (١).
ثانيهما : أنّ المأمور به في الآية الشريفة هو التفقه في الدين ، وليس التفقه فيها إحراز الأحكام الشرعية الإلزامية خاصة ، فإنّ تعريف الفقه بالعلم بالأحكام الفرعية اصطلاح من الأصحاب ، وإلّا فللتفقه في الدين معنى أوسع من معرفة الحلال والحرام ، وقد أطلق في الأخبار «الفقه الأكبر» على طور آخر من المباحث ، فالفقه بمعنى «العلم بالأحكام» شيء من التفقه في الدين وليس بتمامه ، لأنّ المعارف المتعلقة بالمبدإ والمعاد والسنن والأخلاق وغيرها كلّها من الدين ، وقد أمر سبحانه وتعالى بالتفقه بهذا المعنى الواسع. ويشهد له الخبر المتقدم المتضمن لاستدلال الإمام الصادق عليهالسلام بالآية المباركة على وجوب الفحص عن الإمام ، وعدم كون العباد في سعة من ترك الطلب والفحص عنه عليهالسلام.
وعليه نقول : إنّ وجوب قبول إنذار الفقيه تعبدا لا يلتئم مع الأمر بالتفقه بهذا المعنى ، لفرض اعتبار العلم بالأصول الاعتقادية ، وعدم كفاية إنذار المتفقه في وجوب قبولها ولو لم يفد اليقين. ولا بد من التصرف إمّا في إطلاق «الفقه» بإرادة معناه المصطلح عند الفقهاء ، حتى يتجه الاستدلال بها على حجية الفتوى ، لوجوب قبول العامي لها سواء حصل له العلم بالواقع أم لا. وإمّا في وجوب التحذر بحمله على التحذر عند حصول العلم ، والتصرف في الفقه بإخراج الأحكام الفرعية التي لا يتوقف إذعانها والعمل بها على معرفتها ، لوضوح امتناع إرادة الوجوب الإرشادي والمولوي من
__________________
(١) تفسير البرهان ، ٢ ـ ١٧١