ودعوى (١) السيرة على الأخذ بفتوى أحد المخالفين في الفتوى من
______________________________________________________
دوران الحجية بين التعيين والتخيير.
هذا ما يتعلّق بالدليل اللفظي ، ويأتي الكلام في الدليل اللبي «إن شاء الله تعالى».
(١) مبتدأ خبره «ممنوعة» وهو معطوف على «لا إطلاق» وهذا إشارة إلى الدليل الثاني على حجية فتوى المفضول عند مخالفتها لفتوى الفاضل ، وحاصله : أنّ سيرة المتشرعة جارية على الرجوع إلى كل مجتهد من دون فحص عن أعلميّته ، مع وضوح اختلاف مراتب العلماء في العلم والفقاهة كاختلافهم في الآراء والفتاوى ، فلو كان تقليد الأعلم واجبا عندهم لزم الفحص عن وجوده ، لا العمل بفتوى كل من بلغ مرتبة الفقاهة. وهذه السيرة المتشرعية حجة ، لاتصالها بعصر أصحاب الأئمة عليهمالسلام وإمضائها من قبلهم ، فإنّ رجوع الجاهلين إلى الفقهاء من أصحاب الأئمة مع اختلافهم في الفضيلة كان متداولا ومعمولا به ، ولم يصل إلينا ردع ومنع عن سيرتهم.
وهذه السيرة وردت في كلمات شيخنا الأعظم تارة بعنوان التأييد كما في رسالته المعمولة في الاجتهاد والتقليد ، حيث قال بعد الاستدلال بإطلاقات الأدلة اللفظية : «إلى غير ذلك من الأخبار المؤيدة باستمرار سيرة العوام من زمن الأئمة عليهمالسلام إلى زماننا هذه من الرجوع إلى كل مجتهد من دون تفحص عن مجتهد آخر أعلم منه» (١). وأخرى بعنوان الدليل كما في الموضعين من تقريرات بحثه الشريف ، فقال في الموضع الأوّل : «الثالث : دعوى استقرار سيرة أصحاب الأئمة على الأخذ بفتاوى أرباب النّظر والاجتهاد من دون فحص عن الأعلمية ...» فراجع.
وناقش المصنف وفاقا لشيخنا الأعظم في هذه السيرة المدعاة بمنعها وعدم تحقق صغرى لسيرة المتشرعة في المقام ، بل الأمر بالعكس ، لاستقرار سيرتهم على خلافها ، لبناء الجاهلين في مقام التقليد على الفحص عن الأعلم عند تضارب الآراء ، كما هو واضح بملاحظة سائر الموارد ، مثلا إذا راجع المريض طبيبا فعيّن له دواء لمرضه ، وخالفه طبيب آخر أبصر منه ، فإنّ المريض لا يعتمد على الدواء الّذي وصفه الطبيب الأوّل ، بل يرجع للعلاج إلى الطبيب الّذي يكون أكثر خبرة بعلم الطب من الأوّل. ومع الشك في
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد ، ص ٧٨