لا عليه (١) ، لأخذ فتاواه من رسائله وكتبه ،
______________________________________________________
وهذا الجواب هو ما أفاده شيخنا الأعظم ، والأصل فيه كلام الفصول ، حيث قال : «وقد يخصّ المنع ـ أي المنع من تقليد المفضول ـ ببلد الأفضل. ووجهه غير ظاهر ، لإمكان الاطلاع على فتاوى غير الحاضر بالرجوع إلى النقلة عنه وإلى كتبه التي حرّرها لبيان فتاواه».
وأمّا تعسّر معرفة الأعلم وتشخيصه فبوجهين : الأوّل : أن تشخيص الأعلم ليس بأصعب من تشخيص أصل الاجتهاد ، فكما يرجع في تشخيص أصله إلى أهل الخبرة ، فكذلك يرجع إليهم في تشخيص الأعلم.
والحاصل : أنّ مئونة تشخيص الأعلم في الفقه لا تزيد على مئونة تشخيص الأعلم في سائر العلوم والصناعات ، فكما يرجع في تمييز الأعلم في الطب وغيره من العلوم إلى أهل الخبرة ، فكذلك في المقام ، بإضافة البيّنة لو لم تكن معارضة بمثلها.
الثاني : أنّ الاستدلال بنفي العسر أخصّ من المدعى ، وهو عدم وجوب تقليد الأعلم مطلقا سواء لزم منه العسر أم لا ، ووجه الأخصية : أنّ دليل نفي العسر لا ينفي التكليف إلّا في حال الحرج ، إذ لا حرج على جميع المكلفين ، فحينئذ يرتفع وجوب تقليد الأعلم عن خصوص من كان تقليده عليه حرجيا ، دون من لا يستلزم تقليد الأعلم حرجا عليه.
ثم إنّ هذين الوجهين مذكوران في كلمات الشيخ ، ففي الموضع الأوّل من التقريرات : «وأمّا لزوم الحرج ، فإن أريد لزومه في تشخيص موضوعه ففيه : أنّ تشخيص الأعلم ليس بأخفى من تشخيص نفس الاجتهاد ... وإن أريد لزومه من حيث الانحصار ، ففيه : أنّ الواجب حينئذ الرجوع إلى الأعلم فيما لا يلزم منه العسر ...».
(١) هذا تقريب عدم العسر وبطلان الاستدلال بقاعدة نفي الحرج ، أي : لا عسر في وجوب تقليد الأعلم ، لا على نفس الأعلم ، ولا على مقلّديه. أمّا عدم العسر على نفس الأعلم فلأنّه يجمع فتاواه في رسالته العملية وينشرها في البلاد حتى يتمكن كل واحد من المكلفين من معرفة آرائه. ولو كان الواجب على الأعلم الإجابة عن أسئلة آحاد المقلّدين فردا فردا كان ذلك متعسّرا ، بل متعذرا ، لكن لم يتوهّم أحد وجوبه على الأعلم ، بل يكفى ضبط فتاواه في رسالة ونشرها. وأمّا عدم العسر على المقلدين فلأنّهم يطّلعون على فتاوى