لم يكن (١) واحد منهما بحجة في خصوص مؤدّاه ، لعدم (٢) (*) التعيين في الحجية أصلا كما لا يخفى.
نعم (٣) يكون نفي الثالث بأحدهما ، لبقائه
______________________________________________________
(١) جواب «حيث كان» وقد عرفت وجه عدم حجيتهما وهو التناقض أو التضاد الّذي هو منشأ أصالة التساقط الحاكم به العقل في المتعارضين ـ بناء على الطريقية ـ في خصوص المؤدى أعني به المدلول المطابقي الّذي هو مورد التكاذب.
(٢) تعليل لعدم حجية كل منهما ، وحاصله : أنه لمّا كان الدليل الأوّلي للحجية قاصرا عن شمول أحدهما بعينه ، لما مرّ آنفا من لزوم التناقض أو التضاد ، فلا دليل على حجية أحدهما في مدلوله المطابقي ، إذ ما لم تحرز الحجة لم يكن مؤدّاها حجة.
حجية أحد المتعارضين في نفي الثالث
(٣) استدراك على عدم حجية كل منهما في مدلوله المطابقي ، وحاصله : أن التعارض يختص بمورد التكاذب وهو المدلول المطابقي للمتعارضين كما مرّ ، وأمّا ما لا تكاذب فيه كنفي الثالث ـ وهو المدلول الالتزامي ـ فلا مانع من حجيته فيه ، فإذا دلّ أحد المتعارضين على وجوب شيء والآخر على حرمته فهما وإن كانا ساقطين في مدلوليهما المطابقيين أعني الوجوب والحرمة ، إلّا أن حجية أحدهما لا بعينه صالحة لنفي الثالث.
فإن قلت : قد اعترف المصنف بعدم حجية شيء منهما في المؤدى بقوله : «لم يكن واحد منهما بحجية في خصوص مؤداه» ومعه كيف يمكن نفي الثالث بأحدهما؟ فإنّ الخبر إذا لم يكن حجة في مدلوله المطابقي لأجل التعارض لم يكن حجة في المدلول الالتزامي ، لكونه متفرعا عليه وتابعا له.
قلت : التفكيك في الحجية بين المدلول المطابقي والالتزامي أمر ممكن ، وذلك لأنّ
__________________
(*) لعل الأولى أن يقال : «لعدم شمول دليل الاعتبار لهما مع العلم بكذب أحدهما إجمالا الموجب لعدم شمول دليل حجية الخبر لكليهما» إذ هو المناسب لعدم حجية كل واحد منهما ، دون تعليل المتن ، فإنه يناسب حجية أحدهما لا بعينه ، دون عدم حجية كل منهما كما هو مفاد «لم يكن واحد منهما بحجة ... إلخ» وقد عرفت أن أحدهما المردد ليس فردا لعموم دليل الاعتبار حتى يكون مشمولا له.