ولئن استعظم الكاتب رواية مثل ذلك عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، واعتبره طعناً فيه ، فإنهم رووا عن علي عليهالسلام ما هو أفحش من هذا ، فقد قال ابن الأثير في البداية : وفي حديث علي : عارضه رجل من الموالي ، فقال : (اسكت يا ابن حمراء العِجَان) ، أي يا ابن الأمة ، والعِجَان ما بين القُبُل والدبر ، وهي كلمة تقولها العرب في السب والذم (١).
بل إن بعض أحاديث أهل السنة نسبت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفحش ما يجب تنزيهه عنه :
منها : ما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن أُبَي رضي الله عنه أن رجلاً اعتزى فأَعَضَّه أُبَي بِهَنِ أبيه (٢) ، فقالوا : ما كنت فحَّاشاً. قال : إنا أُمِرْنا بذلك (٣).
ومنها : ما أخرجه أحمد في المسند أيضاً بسنده عن أبي بن كعب أن رجلاً اعتزى بعزاء الجاهلية ، فأَعَضَّه ولم يُكْنِه ، فنظر القوم إليه ، فقال للقوم : إني قد أرى الذي في أنفسكم ، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرنا إذا سمعتم من يتعزى بعزاء الجاهلية فأَعِضُّوه ولا تَكْنُوا.
وعن أبي بن كعب قال : رأيت رجلاً تعزى عند أبي بعزاء الجاهلية ، افتخر بأبيه فأعضه بأبيه ولم يُكْنِه. ثمّ قال لهم : أما إني قد أرى الذي في أنفسكم ، إني لا أستطيع إلا ذلك ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : مَن تعزَّى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تَكْنُوا.
وعن الحسن عن عتي أن رجلاً تعزى بعزاء الجاهلية ، فذكر الحديث ، قال أبي : كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضّوه بهن أبيه ولا تَكْنُوا (٤).
__________________
(١) النهاية في غريب الحديث ١ / ٤٤٠.
(٢) أي قال له : اعضض بأَيْر أبيك. ولم يُكَنِّ عن الأير بالهن ، تنكيلاً له وتأديباً. انظر النهاية في غريب الحديث ٣ / ٢٥٢ ، ولسان العرب ٧ / ١٨٨.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٥ / ١٣٣.
(٤) نفس المصدر ٥ / ١٣٦. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٩٨ ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٣ : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.