وذكر هجوم القوم على بيت فاطمة عليهاالسلام أيضاً جملة من أعلام أهل السنة :
فقد قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : وإن أبا بكر رضي الله عنه تفقَّد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجُنَّ أو لأحرقنَّها على من فيها. فقيل له : يا أبا حفص ، إن فيها فاطمة! فقال : وإن. فخرجوا فبايعوا إلا عليًّا.
إلى أن قال : ثمّ قام عمر ، فمشى معه جماعة ، حتى أتوا باب فاطمة ، فدقّوا الباب ، فلما سمعتْ أصواتهم نادتْ بأعلى صوتها : يا أبتِ يا رسول الله ، ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟ فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ... وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا عليّا ، فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايِع. فقال : إن أنا لم أفعل فَمَهْ؟ قالوا : إذن والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك. قال : إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله؟ قال عمر : أما عبد الله فنَعَم ، وأما أخو رسوله فلا. وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال : لا أُكْرِهُه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه. فلحق علي بقبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصيح ويبكي ، وينادي : يا بن أُمّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني (١).
وقال أبو الفداء في تاريخه : ثمّ إن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي ومَن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها ، وقال : إن أبَوا عليك فقاتلهم. فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة رضي الله عنها وقالت : إلى أين يا ابن
__________________
(١) الإمامة والسياسة ، ص ١٢ ، ١٣.