ورووا أن جابر بن عبد الله الأنصاري صلى من غير رداء ، بل إن البخاري قد عقد في صحيحه باباً بعنوان (باب الصلاة بغير رداء) ، وروى فيه بسنده عن محمد بن المنكدر قوله : دخلتُ على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب ملتحفاً به ، ورداؤه موضوع ، فلما انصرف قلنا : يا أبا عبد الله تصلي ورداؤك موضوع؟ قال : نعم ، أحببتُ أن يراني الجهَّال مثلكم ، رأيتُ النبي صلىاللهعليهوسلم يصلي هكذا (١).
ورووا أن ماعز بن مالك جيء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير رداء ، فقد أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن جابر بن سمرة قال : رأيتُ ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، رجل قصير أعضل ، ليس عليه رداء ، فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فلعلك. قال : لا ، والله إنه قد زنى الأَخِرُ (٢). قال : فرجمه ... (٣).
والأحاديث في ذلك كثيرة ، واستقصاؤها مضيعة للوقت وهدر للجهد.
والحاصل أن سلب الإمام عليهالسلام رداءه لا يعني أنه بقي مكشوف العورة كما قاله الكاتب ، فيكون إشكاله الواهي قد تبخر سريعاً في الهواء.
* * *
قال الكاتب : ودخل سفيان بن أبي ليلى على الحسن رضي الله عنه وهو في داره فقال للإمام الحسن : (السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين! قال : «وما عِلْمُكَ بذلك»؟ قال : عَمَدْتَ إلى أمرِ الأُمةِ فَخَلَعْتَهُ من عنقك ، وقَلَّدْتَه هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله؟) رجال الكشي ص ١٠٣.
هل كان الحسن رضي الله عنه مُذلًّا للمؤمنين؟ أم أنه كان مُعِزّاً لهم لأنه حقنَ
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١٣٧.
(٢) الأخر : هو الأرذل والأبعد ، وقيل : اللئيم. وقيل : الشقي. وقيل غير ذلك.
(٣) صحيح مسلم ٣ / ١٣١٩.