إن هذه الفتوى لو قالها أحد طلاب العلم لَعُدَّتْ سقطة بل غلطة يُعاب عليه بسببها ، فكيف تُنْسَبُ لأمير المؤمنين رضي الله عنه ، وهو مَن هو في العلم والفتيا؟ إن الذي نسب هذه الفتوى لأمير المؤمنين إما حاقداً [كذا] أراد الطعن به ، وإما ذو غرض وهوى اخترع هذه القصة ، فنسبها لأمير المؤمنين ، ليُضْفي الشرعية على المتعة كي يسوغ لنفسه ولأمثاله استباحة الفروج باسم الدين حتى وإن أدَّى ذلك إلى الكذب على الأئمة عليهمالسلام ، بل على النبي صلوات الله عليه.
وأقول : كل ما قاله الكاتب لا قيمة له بعد ما علمنا أن الرواية ضعيفة سنداً ومنكرة متناً ، وقد أوضحنا ذلك فيما تقدَّم.
ونضيف هنا أن إيراد هذه الرواية في باب النوادر من أبواب المتعة كما صنع الكليني لا وجه له ، فإن الرواية لم تنصّ على أن ما وقع كان تزويج دوام أو متعة.
ولهذا ورد في حاشية المطبوعة : والظاهر أن الكليني حمَله على أنها زوَّجت نفسها متعة بشربة من ماء ، فذكره في هذا الباب ، وهو بعيد ، لأنها كانت مزوَّجة ، وإلا لم تستحق الرجم بزعم عمر ، إلا أن يقال : إن هذا أيضاً كان من خطئه (١).
وقد يقال : إن إطلاق التزويج في الخبر على ما حدث يجعل الوطء فيه مردَّداً بين كونه نكاحاً دائماً أو متعة ، وكونه متعة أقرب من كونه دواماً ، باعتبار أنه مجرد استمتاع في وقت قصير لم يعقبه طلاق ، ولعله لأجل ذلك ذكره الكليني رحمهالله في الباب المذكور ، والله العالم.
وعلى كل حال ، فإنا لو سلَّمنا بصحة الرواية فيمكن حملها على أن المرأة ظنّت بسبب جهلها لما وطأها الرجل أنها زنت ، فأرادت من عمر أن يطهِّرها من معصيتها ، لكن أمير المؤمنين عليهالسلام لما علم بأنها كانت مكرهة على الزنا ، حكم بأن حالها حال من كانت مزوَّجة ، وأنها لا يترتب عليها رجم ولا إثم ، فأطلق على الزنا بالإكراه زواجاً
__________________
(١) الكافي ٥ / ٤٦٧.