وعن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : أُتِيَ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضب ، فأبى أن يأكل منه ، وقال : لا أدري لعلَّه من القرون التي مُسِختْ (١).
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً لا حاجة لاستقصائها ، وهي دالة بأوضح دلالة على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حلَّل لهم الضب مع أنه لم يأكله. ولهذا أفتى الأئمة الأربعة بحلّية أكل لحم الضب ، على كراهة عند مالك فقط (٢).
ومنها : أنهم أجمعوا على حلّية أكل الثوم ، ومع ذلك رووا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يأكل منه ، لأنه كان ينزل عليه الوحي.
ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن أبي أيوب الأنصاري قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أُتِيَ بطعام أكل منه ، وبعث بفضلِهِ إلي ، وإنه بعث إليَّ يوماً بفضلةٍ لم يأكل منها ، لأن فيها ثوماً ، فسألته : أحرام هو؟ قال : لا ، ولكني أكرهه من أجل ريحه (٣).
وفي حديث آخر قال : أحرام هو؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : لا ولكني أكرهه. قال : فإني أكره ما تكره أو ما كرهت. قال : وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يُؤتى (٤).
ومن كل ذلك يتضح أنه لا يلزم للحكم بحلّية شيء أن يفعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أحد من أهل بيته.
هذا مع أنا ذكرنا فيما تقدَّم بعض الأحاديث التي جاء فيها أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام قد تزوجا متعة ، فراجع.
وأما إعراض الإمام الباقر عليهالسلام عن عبد الله بن عمير فلعله بسبب جهله ، عملاً بقوله تعالى وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ ، أو لعله أعرض عنه لما تبين له عناده ومجادلته
__________________
(١) نفس المصدر ٣ / ١٥٤٥.
(٢) راجع كتاب رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ، ص ٢٥١.
(٣) صحيح مسلم ٣ / ١٦٢٣.
(٤) نفس المصدر. و (يؤتى) أي تأتيه الملائكة وينزل عليه الوحي.