العالمين ، ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم ، وكانوا مع هذا يكفرون بالله ، ويكذّبون رسوله ويخالفون ، ويقطعون السبيل ، أي يَقِفُون في طريق الناس يقتلونهم ويأخذون أموالهم (١).
وقال القرطبي في تفسيره : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) قيل : كانوا قُطَّاع الطريق. قاله ابن زيد ، وقيل : كانوا يأخذون الناس من الطرق لقضاء الفاحشة. حكاه ابن شجرة ، وقيل : إنه قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال. قاله وهب بن منبه ، أي استغنوا بالرجال عن النساء.
قلت ـ والقائل القرطبي ـ : ولعل الجميع كان فيهم ، فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ، ويستغنون عن النساء بذلك (٢).
وقال الطبري : يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل لوط لقومه : (أَئِنَّكُمْ) أيها القوم (لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) في أدبارهم ، (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) يقول : وتقطعون المسافرين عليكم بفعلكم الخبيث ، وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا يفعلون ذلك بمن مرَّ عليهم من المسافرين ومن وَرَدَ بلادهم من الغرباء. ذِكْر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) قال : السبيل : الطريق. المسافر إذا مرَّ بهم ، وهو ابن السبيل قطعوا به ، وعملوا به ذلك العمل الخبيث (٣).
ومن كل ما مرَّ يتضح أن الكاتب فسَّر الآية بما فسَّره وهب بن منبّه دون غيره من المفسِّرين ، وتفسير وهب ليس حجة على غيره ، ولو سلّمنا به فمراد وهب هو أن قوم لوط عليهالسلام استغنوا بالرجال عن النساء فهجروهن بتاتاً ، فقطعوا نسلهم بذلك ، ونحن لا نتكلم في فرض كهذا ، وإنما نتكلم في جواز إتيان النساء في أدبارهن ، لا في
__________________
(١) تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤١١.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٣ / ٣٤١.
(٣) جامع البيان في تفسير القرآن ٢٠ / ٩٣.