ثمّ يقرضه إياه (١) ، ثمّ يقبضه منه مرة ثانية خمساً ، لتبرأ ذمّة المكلف عما في ذمّته من الخمس الذي لا يقدر على سداده ، ويحل للمكلف بعد ذلك أن يتصرف في ماله ، لأن رقبة المال حينئذ لم يتعلق بها شيء من الخمس ، والمتعلق بذمَّته إنما هو الدين لا الخمس.
هذا هو وجه المسألة التي لم يفهم مدّعي الاجتهاد حقيقتها ، فاختلق منها قصة ، لا أن المسألة مسألة تنافس وتخفيض نسبة الخمس كما افتراه الكاتب.
* * *
قال الكاتب : ولما رأى زعيم الحوزة أن المنافسة على الخمس صارت شديدة ، وأن نسبة ما يرده هو من الخمس صارت قليلة ، أصدر فتواه بعدم جواز دفع الخمس لكل من هبَّ ودَبَّ من السادة ، بل لا يُدْفَعُ إلا لشخصيات معدودة ، وله حصة الأسد أو لوكلائه الذين وزعهم في المناطق.
وأقول : إن عدم جواز إعطاء الخمس إلا للوكلاء أمر جار على القاعدة ، وذلك لأنه لا يجوز لكل من هبَّ ودَرَج أن يتصرَّف في الحقوق الشرعية كيفما يحلو له ، وإنما يصرفها الفقيه المأمون فيما يحرز به رضا الإمام عليهالسلام كما مرَّ.
ومن أجل ذلك صدرت من كثير من العلماء فتاوى بتحريم إعطاء الخمس إلا للوكلاء المعروفين ، من أجل الحيلولة دون تلاعب من تسوِّل له نفسه بأن يخدع العوام ويأخذ منهم الحقوق الشرعية بغير حق.
وكل من راجع السيّد السيستاني يعرف أنه دام ظله لا يقبض الحقوق الشرعية من أهل العراق ، وقد أعطى إذناً عاماً لكل من في ذمَّته حق شرعي أن يصرفه على
__________________
(١) لأنه إذا أقرضه إياه جاز له التصرف في أمواله باعتبار أنها صارت مخمَّسة ، وما يجب عليه دفعه يصير ديناً للمرجع يسدّده إليه وقت استطاعته.