فقال له عبد الله بن أبي اليعفور [كذا] : أصلحك الله ، أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال : إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار ، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيراً لهم. أصول الكافي ١ / ٢٤.
وأقول : أما الجفر الأبيض فلا نرى ما يدعو إلى إنكار وجوده عند أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وذلك لأنَّا تلقَّينا من الثقات الأَثبات أن الكتب المذكورة كانت عندهم عليهمالسلام وفي حوزتهم ، فكيف يجوز لنا ردّه وإنكاره ولا سيما مع ورود النهي عن ردّ ما قاله أهل الكتاب مما لم تثبت صحَّته ولم يتّضح بطلانه.
فقد أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة ، أنه قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسِّرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم ، وقولوا (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ) إِلَيكُم الآية (١).
وأخرج أبو داود وأحمد والحاكم وابن حبان وغيرهم عن أبي نملة الأنصاري ،
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ١٣٦ كتاب الاعتصام ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، ٣ / ٢٣٧ كتاب الشهادات ، باب لا يُسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ، ٦ / ٢٥ كتاب التفسير ، تفسير سورة البقرة.
تنبيه : الرواية التي نقلناها بلفظ البخاري من كتاب الاعتصام فيها تصريح بأن قوله (آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم) آية من القرآن ، ولهذا عقّب الجملة بقوله : (الآية) كما في الطبعة المصرية ، مطابع الشعب سنة ١٣٧٨ ، وإن كانت كلمة (الآية) قد حُذفت من الطبعة المحققة بتحقيق الشيخ محمد علي القطب والشيخ هشام البخاري ٤ / ٢٢٩٦ ، طبع المكتبة العصرية في لبنان ، سنة ١٤١٧ ه ـ ، مع أنهما أدرجا الجملة بين قوسين قرآنيين ، وأشارا في الحاشية إلى أنها الآية ١٣٦ من سورة البقرة مع إدراج كلمة (إليكم) داخل القوسين بغير الخط القرآني. وهذا يدل أنهما قد تنبَّها إلى أن كلمة (إليكم) ليست من الآية ، لكنهما لم ينبِّها القارئ على ذلك ستراً على البخاري ، وخشية من فضيحة أهل السنة الذين يرونه كله صحيحاً.