سننه عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح (١).
فلا مناص حينئذ من أن يكون التبليغ في الآية متعلقاً بأمر مهم أريد من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيانه في نهاية دعوته ، وإلا فلا معنى لتهديده بأنه إذا لم يبلغ ذلك الأمر فحاله حال من لم يبلغ الرسالة.
ثمّ إن وعده صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن الله سيعصمه من الناس يدل على أن الأمر صعب وأنه ثقيل على الناس بحيث يُتوقَّع حصول الضرر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من جراء هذا التبليغ.
وليس هناك شيء كهذا إلا أمر الخلافة والنص على أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهذا المعنى هو ما رواه القوم في كتبهم.
قال السيوطي في الدر المنثور : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن ربِّكَ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا أيها لرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك أن عليّا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (٢).
ولو سلَّمنا بأن مفاد الآية هو أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغ الرسالة كلها فلا ينافي التبليغ تخصيص بعض الصحابة بعلوم وأسرار خاصة ، فإن ذلك نوع تبليغ ، لأن التبليغ إما أن يكون للناس كافة أو إلى أفراد مخصوصين.
ولهذا ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام ، فطالت نجواه معه في يوم الطائف فيما أخرجه الترمذي في سننه عن جابر قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّا يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما انتجيته
__________________
(١) الدر المنثور ٣ / ٣.
(٢) نفس المصدر ٣ / ١١٧.