الروايات المتعدِّدة أن ننزّلها على أن مضامينها تفسير للآيات أو تأويل ، أو بيان لما يُعلم يقيناً شمول عموماتها له ، لأنه أظهر الأفراد وأحقّها بحكم العام ، أو ما كان مراداً بخصوصه وبالنص عليه في ضمن العموم عند التنزيل ، أو ما كان هو المورد للنزول ، أو ما كان هو المراد باللفظ المبهم. وعلى أحد هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة يحتمل ما ورد فيها أنه تنزيل أو أنه نزل به جبريل كما يشهد به نفس الجمع بين الروايات ، كما يُحمَل التحريف فيها على تحريف المعنى ، ويشهد لذلك مكاتبة أبي جعفر عليهالسلام لسعد الخير كما في روضة الكافي ، ففيها : (وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرَّفوا حدوده). وكما يُحمَل ما فيها من أنه كان في مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام أو ابن مسعود ، ويُنزَّل على أنه كان فيه بعنوان التفسير والتأويل ، ومما يشهد لذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام للزنديق كما في نهج البلاغة وغيره : وقد جئتهم بالكتاب كملاً مشتملاً على التنزيل والتأويل (١).
ثمّ بعد أن ذكر تأويل بعض الروايات التي استدل بها المحدِّث النوري على التحريف قال : فتكون هذه الرواية وأمثالها قاطعة لتشبثات (فصل الخطاب) بما حشده من الروايات التي عرفت حالها إجمالاً ، وإلى ما ذكرناه وغيره يشير ما نقلناه من كلمات العلماء الأعلام قُدّست أسرارهم. فإن قيل : إن هذه الرواية ضعيفة ، وكذا جملة من الروايات المتقدمة. قلنا : إن جل ما حشده فصل الخطاب من الروايات هو مثل هذه الرواية وأشد منها ضعفاً كما أشرنا إليه في وصف رواتها ، على أن ما ذكرناه من الصِّحاح فيه كفاية لأولي الألباب (٢).
وكيف كان فالمهم الذي ينبغي الكلام فيه هو تحريف القرآن نفياً أو إثباتاً ، وأما التشبث ببعض الأقوال أو الروايات دون بعض من دون مرجّح فليس من دأب طلاب الحق المنصفين.
__________________
(١) آلاء الرحمن ، ص ٢٦.
(٢) نفس المصدر ، ص ٢٩.