يتبعهم في أحكامهم ، أو يقلّدهم في فتاواهم ، فهل كان نصحه لهم من أجل الإسلام واتباعهم له دليلاً على شرعية خلافتهم وأهليتهم لها؟
هذا مضافاً إلى أن أمير المؤمنين عليهالسلام قد أوضح موقفه في خطبته الشقشقية بما لا يدع مجالاً للريب حيث قال : أما والله لقد تقمَّصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلّي منها محلّ القُطب من الرَّحى ، ينحدر عني السَّيْل ، ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلتُ دونها ثوباً ، وطويتُ عنها كشحاً ، وطفقتُ أرتَئي بين أن أَصول بِيَد جذَّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه ، فرأيتُ أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرتُ وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهباً (١).
فهل يصح لقائل بعد هذا كله أن يقول : إن أمير المؤمنين عليهالسلام كان راضياً بخلافتهم ، ومعتقداً بأهليَّتهم؟!
* * *
قال الكاتب : ثمّ إذا كان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مُصَاباً بداء في دبره ولا يهدأ إلا بماء الرجال كما قال السيد الجزائري ، فكيف إذن زوجه أمير المؤمنين رضي الله عنه ابنته أم كلثوم؟ أكانت إصابته بهذا الداء ، خافية على أمير المؤمنين رضي الله عنه وعرفها السيد الجزائري؟! .. إن الموضوع لا يحتاج إلى أكثر من استعمال العقل للحظات.
وأقول : لقد أوضحنا فيما مرَّ أن السيّد نعمة الله الجزائري رحمهالله لم يقل : (إن عمر كان مصاباً بالأبنة) ، وإنما نقل ذلك من بعض كتب أهل السُّنة ، ونفى أن يكون مذكوراً في كتب الشيعة ، فعهدته عليهم لا على الشيعة.
__________________
(١) نهج البلاغة ، ص ٣٢. علل الشرائع ١ / ١٨١. معاني الأخبار ، ص ٣٦١. الإرشاد للمفيد ، ص ١٥٣. الجمل للمفيد ، ص ٩٢. أمالي الطوسي ، ص ٣٧٢. الاحتجاج للطبرسي ١ / ٢٨٢. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢ / ٢٣٢. الطرائف لابن طاوس ، ص ٤١٨.