فاطمة عليهاالسلام بنت النبي صلىاللهعليهوسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خُمس خيبر ...
إلى أن قالت : فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدتْ فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرتْه فلم تكلمه حتى توفيتْ ، وعاشت بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها عليٌّ ليلاً ، ولم يُؤْذِنْ بها أبا بكر ، وصلى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ... (١).
ونحن نسأل الكاتب وغيره : لما ذا امتنع أمير المؤمنين عليهالسلام عن مبايعة أبي بكر كل هذه المدّة؟
هل كان يراه أهلاً للخلافة وأنه مستحق لها فلم يبايعه ، فيكون متخلّفاً عن واجب مُهِم من الواجبات الدينية؟
أو أنه كان لا يراه أهلاً لها كل هذه المدة ، فكيف تجددت له الأهليّة للخلافة بعد ستة أشهر؟
ولو سلَّمنا أنه عليهالسلام بايع القوم فلعلّه عليهالسلام بايعهم من أجل لَمِّ الشمل ورأب الصدع حذراً من رجوع الكفر وبزوغ النفاق.
فهل تدل بيعته إذا كانت لهذه الغاية على كفاءتهم وأهليتهم للخلافة واستحقاقهم لها؟
وهل يرى الكاتب أن ترك أمير المؤمنين عليهالسلام للخلاف ومنابذة القوم بالسيف مع عدم وجود الناصر دالٌّ على أهليَّتهم وشرعية خلافتهم؟
ثمّ إن الخلفاء الثلاثة كانوا يستشيرونه فيما يلم بهم من قضايا ، وكانوا يستفتونه فيما يجهلونه من أحكام ، ثمّ يصدرون عن قوله ، ويأخذون بحكمه ، ولم يكن عليهالسلام
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ / ١٢٨٦. صحيح مسلم ٣ / ١٣٨٠. صحيح ابن حبان ١١ / ١٥٣ ، ٥٧٣.