فأما الناصب ومخالف الشيعة فأنكحتهم صحيحة ... وكيف يجوز أن نذهب إلى فساد عقود أنكحة المخالفين ونحن وكل مَن كان قبلنا من أئمتنا عليهمالسلام وشيوخنا نسبوهم إلى آبائهم ، ويدعونهم إذا دعوهم بذلك؟ ونحن لا ننسب ولد زنية إلى مَنْ خُلق مِن مائه ولا ندعوه به ، وهل عقود أنكحتهم إلا كعقود قيناتهم؟ ونحن نبايعهم ونملك منهم بالابتياع ، فلولا صحَّة عقودهم لما صحَّت عقودهم في بيع أو إجارة أو رهن أو غير ذلك ... وهذا مما لا شبهة فيه (١).
ولا بأس أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن الكاتب قد حرَّف الحديث الذي نقله كما هي عادته ، فإن العبارة الواردة في الحديث هي : (إن الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا) ، وليس في الحديث أن الناس أولاد زنا ، فراجعه.
والفرق بين كونهم أولاد زنا وأولاد بغايا ، أن أولاد الزنا هم الذين تولَّدوا من زنا ، وأما إذا كانت أمهاتهم بغايا فلا يلزم أن يكون تولُّدهم من الزنا ، إذ يمكن أن يولدوا من بغايا ولكن بنكاح صحيح.
ولو سلَّمنا بصحة الحديث فلعل المراد بالبغايا الإماء ، فإن الأمة يُطلق عليها بَغِي ، سواء أكانت فاجرة أم لا.
قال ابن الأثير في النهاية : ويقال للأَمة بَغِيٌّ وإن لم يُرَدْ به الذم ، وإن كان في الأصل ذمًّا (٢).
وقال ابن منظور في لسان العرب : قال أبو عبيد : البغايا الإماء ، لأنهن كنَّ يَفجُرْن. يقال : قامت على رءوسهم البغايا ، يعني الإماء ، الواحدة بَغِي ، والجمع بغايا ... ثمّ كثر في كلامهم حتى عَمُّوا به الفواجر ، إماءً كنَّ أو حرائر (٣).
فلعل الإمام عليهالسلام ـ إن صحَّ الحديث ـ يريد جماعة مخصوصة موصوفين بأن
__________________
(١) رسائل السيد المرتضى ١ / ٤٠٠.
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ١٤٤.
(٣) لسان العرب ١٤ / ٧٧.