وأقول : هذه الرواية ضعيفة السند ، لأنها مرفوعة ، فإن الكليني رحمهالله قال : محمد بن علي رفعه عن محمد بن الفرج الرخجي.
ومحمد بن الفرج من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهمالسلام ، وأما علي بن محمد الذي يروي عنه الكليني كثيراً فهو علي بن محمد بن عبد الله بن بندار الثقة ، وهو لا يروي عن محمد بن الفرج الرخجي لبُعْد الطبقة.
ومع الإغماض عن سند الرواية فإن هذه الرواية لا بد أن تحمل على وجوه صحيحة ، حتى لا تتعارض مع ما هو الثابت عن الإمام الصادق والكاظم من إجلالهما لهشام بن الحكم وتقديمهما له على شيوخ أصحابهما.
ولا بأس أن ننقل كلام الشيخ المجلسي قدسسره في هذا المقام ، فإنه كافٍ ووافٍ بالمراد.
قال قدسسره : لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين ، وقد بالغ السيد المرتضى قدّس الله روحه في براءة ساحتهما عما نُسب إليهما في كتاب الشافي مستدلاً عليها بدلائل شافية ، ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة ، كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدِّثين.
إلى أن قال : فظهر أن نسبة هذين القولين إليهما إما لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم ، لبيان سفاهة آرائهم ، أو أنهم لما ألزموهم في الاحتجاج أشياء إسكاتاً لهم نسبوها إليهم ، والأئمة عليهمالسلام لم ينفوها عنهم إبقاءً عليهم ، أو لمصالح أخر ، ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أن المراد : ليس القول الحق ما قال الهشامان بزعمك. أو ليس هذا القول الذي تقول ما قال الهشامان ، بل قولهما مباين لذلك. ويحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلى الأئمة عليهمالسلام والأخذ بقولهم ، فقد قيل : إن هشام بن الحكم قبل أن يلقى الصادق عليهالسلام كان على رأي جهم بن صفوان ، فلما تبعه عليهالسلام تاب ورجع إلى الحق ، ويؤيّده ما ذكره الكراجكي في كنز الفوائد من الرد على القائلين بالجسم بمعنييه ، حيث قال : وأما موالاتنا هشاماً رحمهالله فهي لما شاع عنه واستفاض من تركه