التحريف ، فإنه ليس مرادي من التحريف التغيير والبديل ، بل خصوص الإسقاط لبعض المنزل المحفوظ عند أهله ، وليس مرادي من الكتاب القرآن الموجود بين الدفتين ، فإنه باق على الحالة التي وضع بين الدفتين في عصر عثمان ، لم يلحقه زيادة ولا نقصان ، بل المراد الكتاب الإلهي المنزل. وسمعت عنه شفاها يقول : إني أَثبتُّ في هذا الكتاب أن هذا الموجود المجموع بين الدفتين كذلك باقٍ على ما كان عليه في أول جمعه كذلك في عصر عثمان ، ولم يطرأ عليه تغيير وتبديل كما وقع على سائر الكتب السماوية ، فكان حريًّا بأن يسمَّى (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب) ، فتسميته بهذا الاسم الذي يحمله الناس على خلاف مرادي خطأ في التسمية ، لكني لم أرد ما يحملوه عليه ، بل مرادي إسقاط بعض الوحي المنزل الإلهي ، وإن شئت قلت اسمه (القول الفاصل في إسقاط بعض الوحي النازل) (١).
قلت : وهذا هو مذهب جمع من الصحابة الذين نُقِلتْ أقوالهم في الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة التي دلَّت على أن بعض الصحابة كانوا يرون التحريف.
منها : ما أخرجه مسلم ومالك والترمذي وأبو داود والنسائي وغيرهم عن عائشة ، أنها قالت : كان فيما أُنزل من القرآن (عَشر رضعات معلومات يُحرِّمن) ثمّ نُسخن ب ـ (خمس معلومات) ، فتوفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهن فيما يُقرأ من القرآن (٢).
قلت : هذا الحديث واضح الدلالة على أن عائشة كانت تعتقد أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١٦ / ٢٣١.
(٢) صحيح مسلم ٢ / ١٠٧٥. الموطَّأ ، ص ٣٢٤. سنن الترمذي ٣ / ٤٥٦. سنن أبي داود ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤. سنن النسائي ٦ / ١٠٠. السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٢٨٩. سنن ابن ماجة ١ / ٦٢٥. صحيح سنن أبي داود ٢ / ٣٨٩. صحيح سنن النسائي ٢ / ٦٩٦. صحيح سنن ابن ماجة ١ / ٣٢٨. إرواء الغليل ٧ / ٢١٨. سنن الدارمي ٢ / ١٥٧. السنن الكبرى ٧ / ٤٥٤. صحيح ابن حبان ١٠ / ٣٥ ، ٣٦. شرح السنة ٩ / ٨٠. سنن الدارقطني ٤ / ١٨١. مسند أبي عوانة ٣ / ١١٩. تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٦٩. كتاب الأُم ٥ / ٢٦. مسند الشافعي ، ص ٢٢٠.