لا ... لا ... إن وراء هذه النصوص رجالاً لَعِبُوا دوراً خطيراً في بث هذه السموم ، لا تستغربن ما دام كسرى قد خلص من النار إذ روى المجلسي عن أمير المؤمنين : (أن الله قد خلصه ـ أي كسرى ـ من النار ، وأن النار محرَّمة عليه) البحار ٤١ / ٤.
هل يعقل أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يقول إن الله قد خَلَّصَ كسرى من النار ، وإن النار مُحَرَّمَةٌ عليه؟؟
وأقول : لقد قلنا فيما تقدَّم : إن الإمام المهدي عليهالسلام لا يقاتل من آمن به ولم يحاربه ، وأما شيعته ومواليه فهم أنصاره وأحبَّاؤه ، فكيف يقتلهم ويسفك دماءهم؟!
وأما حديث كسرى فقد رواه الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي عليه الرحمة في كتاب الفضائل ، ومحمد بن جرير الشيعي في نوادر المعجزات عن أبي الأحوص ، عن أبيه ، عن عمار الساباطي (١) ، وهو حديث موقوف ، من كلام عمار نفسه ، لم يروه عن الإمام المعصوم ، فلا يصلح للاحتجاج به.
والوارد في هذا الحديث أن جمجمة كسرى أنوشيروان نطقت ، فكان مما قالت : إني كنت ملكاً عادلاً شفيقاً على الرعايا رحيماً ، لا أرضى بظلم ، ولكن كنت على دين المجوس ، وقد ولد محمد صلىاللهعليهوآله في زمان ملكي ، فسقط من شرفات قصري ثلاثة وعشرون شرفة ليلة ولد ، فهممت أن أؤمن به ... ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك ... فأنا محروم من الجنة بعدم إيماني به ، ولكني مع هذا الكفر خلَّصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعية ، وأنا في النار ، والنار محرَّمة عليَّ ... (٢).
فالحديث نصٌّ صريح في أن كسرى أنوشيروان من أهل النار ، ولكنه لا يُعذَّب
__________________
(١) الفضائل ، ص ٦٤ ط حجرية ، وطبعة أخرى ص ٧٠. نوادر المعجزات ، ص ٢١. بحار الأنوار ٤١ / ٢١٥.
(٢) عيون المعجزات ، ص ١٠. مستدرك الوسائل ١٨ / ١٦٩. بحار الأنوار ٤١ / ٢١٣.