فإذا جاز لأهل السنة أن يجتهدوا في هذه المسألة ، ويكونوا مأجورين في اجتهادهم فالشيعة كذلك ، وإلا فالكل مأزور وآثم ، وأما قصر الاجتهاد على أهل السنة وتخصيصهم بالأجر دون غيرهم فهذا لا مستند له ولا حجة تعضده غير اتباع الهوى والعصبية بغير حق.
وأما ما قاله الكاتب من أن مذهب الشيعة قائم على محبة أهل البيت والبراءة من أهل السنة ، فهو غير صحيح ، لأن الواجب الذي أمرنا الله به هو البراءة من الكفار والمنافقين وأعداء الدين ، لا عموم المسلمين الذين يشهدون الشهادتين كأهل السنة وغيرهم.
وأما قوله : (إن الراسخ في عقول الشيعة جميعاً أن الصحابة ظلموا أهل البيت ، وسفكوا دماءهم ، واستباحوا حُرُماتِهم) فهو غير صحيح أيضاً ، لأن الشيعة وإن كانوا لا يرون عدالة كل الصحابة ، إلا أنهم يعتقدون بعدالة الصحابة الذين مدحهم الله سبحانه وتعالى في كتابه ، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن نصروا الدين ، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، حتى انتشر الإسلام وارتفع لواؤه.
فهؤلاء نحبّهم ، ونتولاهم في الدنيا والآخرة ، ونترحم عليهم.
وأما المنافقون والطلقاء الذين كانوا يؤذون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويكيدون للإسلام ، ويتربصون به الدوائر ، فلا نحبّهم ولا قيمة لهم عندنا ، ونحن نتبرأ منهم ، وإن تسمَّوا بالصحبة وتظاهروا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنصرة والمحبة.
ومنه يتبين أن ما يُتَّهم به الشيعة من بغض كل الصحابة ولعنهم والبراءة منهم كله غير صحيح ، ومن الواضح أن الداعي إليه هو إيجاد ذريعة لتضليل الشيعة وتكفيرهم واستباحة دمائهم ، والله المستعان على ما يصفون.
* * *