وأقول : أما أن الكعبة ليس لها أهمية فهذا كذب صراح ، كيف وهي قبلة المسلمين ، وقد أطبق علماء المسلمين كافة : سنة وشيعة على أن الصلاة لا تصح إلا باستقبال القبلة وهي الكعبة المشرفة ، وهذا أمر معلوم لا ينكره إلا مكابر جاهل.
وأما أن كربلاء هي أرض الله المختارة المقدسة المباركة ، وهي حرم الله ورسوله ، وقبْلَةُ الإسلام ، فهذا افتراء واضح ، وذلك لأنك لا تجد أحداً من الشيعة جوَّز استقبال كربلاء في الصلاة أو غيرها ، أو وصفها بأنها أرض الله المختارة.
وحرم الله هي مكة المكرمة ، وحرم رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم هي المدينة المنورة كما نطقت بذلك الأخبار الكثيرة.
ففي صحيحة حسان بن مهران ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : مكة حرم الله ، والمدينة حرم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والكوفة حرمي ، لا يردها جبار يجور فيه إلا قصمه الله (١).
وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن مكة حرم الله ، حرَّمها إبراهيم عليهالسلام ، وإن المدينة حرمي ، ما بين لابتيها حرَم ، لا يعضد شجرها ـ وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير ـ وليس صيدها كصيد مكة ، يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك ، وهو بريد (٢).
وأما الروايات التي تفيد أن كربلاء أفضل من مكة فلم أطَّلع على روايات صحيحة تدل على ذلك ، وكل الروايات التي وقفت عليها في أسانيدها ضعفاء ، كمحمد بن سنان ، وأبي سعيد العصفري ، وغيرهما ممن لم يثبت توثيقهم ، فلا يمكن الاعتماد على هذه الروايات في إثبات أمر كهذا.
بل قد يستظهر من وصف مكة بأنها حرم الله ، ووصف المدينة بأنها حرم رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أفضل البقاع هي مكة والمدينة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٦ / ١٢.
(٢) نفس المصدر.