عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم (١).
إلى أن قال : ثمّ كتب إلى عمَّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيِّنة أنه يحب عليّا وأهل بيته ، فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه.
وشفع ذلك بنسخة أخرى : (من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكِّلوا به ، واهدموا داره). فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه في العراق ، ولا سيما الكوفة ، حتى إن الرجل من شيعة علي عليهالسلام ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته ، فيلقي إليه سرَّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدِّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمنَّ عليه.
إلى أن قال : فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليهالسلام ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبقَ أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه ، أو طريد في الأرض (٢).
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير بسنده عن يونس بن عبيد عن الحسن قال : كان زياد يتتبع شيعة علي رضي الله عنه فيقتلهم ، فبلغ ذلك الحسن بن علي رضي الله عنه فقال : اللهم تفرَّد بموته ، فإن القتل كفارة (٣).
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء :
قال أبو الشعثاء : كان زياد أفتك من الحجاج لمن يخالف هواه.
وقال : قال الحسن البصري : بلغ الحسن بن علي أن زياداً يتتبَّع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم ، فدعا عليه. وقيل : إنه جمع أهل الكوفة ليعرضهم على البراءة من أبي الحسن ، فأصابه حينئذ طاعون في سنة ثلاث وخمسين (٤).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٣ / ١٥ ، الطبعة المحققة ١١ / ٤٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٥. وبمعناه في كتاب سليم بن قيس ، ص ٣١٨. ونقله عنه الطبرسي في الاحتجاج ٢ / ١٧. والمجلسي في بحار الأنوار ٤٤ / ١٢٥ ـ ١٢٦.
(٣) المعجم الكبير للطبراني ٣ / ٦٨. مجمع الزوائد ٦ / ٢٦٦ قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٤) سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٩٦.