دليل الحكم بنفسه لاستمراره أيضا ، بل لا بدّ لذلك من دليل آخر ، وذلك لما ذكرنا من أنّ الحكم إذا كان مصبّا للعموم الأزماني يكون موضوعا للحكم بالاستمرار ، فلا بدّ من أخذه مفروض الوجود ثمّ الحكم باستمراره ، فكيف يمكن الحكم باستمرار حكم بنفس إنشائه!؟
الثانية : أنّ الاستمرار إذا لوحظ في جانب المتعلّق سواء كان بنحو العامّ الاستغراقي أو المجموعي فخرج ـ مثلا ـ إكرام زيد العالم في يوم السبت من عموم «العلماء في كلّ يوم يجب إكرامهم» وشككنا في خروجه بعد ذلك الزمان أيضا ، فلا بدّ من التمسّك بأصالة العموم ، إذ لا فرق بين الأفراد العرضيّة ، كإكرام زيد وعمرو وبكر ، والأفراد الطولية ، كإكرام زيد يوم السبت وإكرامه يوم الأحد ، فإذا خصّ العامّ بفرد من الأفراد الطوليّة أو العرضيّة أو جزء من الأجزاء في المجموعي منه وشكّ في تخصيص أكثر من ذلك ، فعموم العامّ ـ استغراقيّا كان أو مجموعيّا ـ محكّم بالنسبة إلى الباقي.
وأمّا إذا لوحظ في طرف الحكم ، فلا يمكن التمسّك بالعامّ المتكفّل لبيان استمرار الحكم عند الشكّ في التخصيص ، إذ الشكّ في التخصيص مساوق للشكّ في ثبوت الحكم للفرد المشكوك ، وإذا شكّ في ثبوته ، فلم يحرز وجوده حتى يحكم باستمراره ، إذ الدليل الثاني يحكم باستمرار الحلّيّة مثلا ، فلا بدّ من أن تكون الحلّيّة محرزة ومفروضة الوجود حتى يمكن إثبات استمرارها به ، فالتمسّك به ـ أي بدليل استمرار الحكم ـ لإثبات استمرار الحكم المشكوك نظير التمسّك ب «حلال محمد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة» لإثبات استمرار حلّيّة شرب التتن ، المشكوكة حلّيّته (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٣٩ ـ ٤٤١. والرواية في الكافي ١ : ٥٨ ـ ١٩ و ٢ : ١٧ ـ ١٨ ـ ٢.