وليس المراد بهذا النور الأنوار الظاهريّة الجسمانيّة ، بل هي أنوار معنويّة لا حدّ لها ولا نهاية لعظمتها.
ومن تلك الطرق جملة العبادات الشرعيّة المبنيّة على الخلوص والإخلاص ، والخضوع والخشوع والتضرّع عند ربّ الأرباب ، ولعلّ ذيل الآية الشريفة : (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) ، إشارة إلى بعض ما تضمّنه الصدر.
ويمكن أن يراد بالقتل في قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ، مطلق الأذيّة بغير حقّ ، وهو شائع في العرف يقال : «قتلني بلسانه ومن اذيته» ، فتختصّ حينئذ بأولياء الله الذين هم العلّة الغائيّة لخلق العالم بروحانيّاته وجسمانيّاته ، وقد ورد في الحديث : «من آذى لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة» ، و «من آذاهم فقد آذى الله» ، فلا بد من الاحتفاظ على العلّة الغائيّة ، فإنّها العلّة واقعا.
وأمّا قوله تعالى : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) ، فقد ورد في عدّة مواضع من القرآن الكريم ، ولا ريب في أن الممكن من حيث هو ممكن إذا لوحظ بالنسبة إلى الواجب بالذات ، تكون النسبة نسبة العدم إلى الوجود ، لما ثبت في الحكمة المتعالية حتّى جعله العلماء من القواعد الفلسفية : «ان الممكن من ذاته ليس ، ومن علّته أيس».
هذا إذا لوحظ بالنسبة إلى ذات الواجب من حيث هو.
وأمّا إذا لوحظ بالنسبة إلى القيوميّة المطلقة ، والقدرة غير المتناهيّة ، والإحاطة العلميّة فوق ما نتعقّله من معنى الإحاطة ، فجميع العوالم الإمكانية كالذرّة تحت يدي جبّار قهّار ، وحينئذ يكون التعبير ب : (يسيرا) تعبيرا مجازيا ، إذ ليس شيء في مقابل ذلك الجبروت المهيمن حتّى يكون يسيرا ، هذا كلّه بالنسبة إلى عذابه.
وأمّا بالنسبة إلى رحمته ، فالأمر أيسر ، لأنّ رحمته سبقت غضبه ، وأنّ رحمته وسعت كلّ شيء.