عن بعض من حصر الكبيرة في كلّ ذنب رتّب عليه الشارع الحدّ في هذه الدنيا ـ كما يأتي في البحث الأخلاقي ـ مناف لما تقدّم من الروايات.
وفي معاني الأخبار بإسناده عن الحسن بن زياد العطّار ، عن الصادق عليهالسلام قال : «قد سمّى الله المؤمنين بالعمل الصالح مؤمنين ، ولم يسمّ من ركب الكبائر وما وعد الله عزوجل عليه النّار مؤمنين في القرآن ، ولا نسمّيهم بالإيمان بعد ذلك الفعل».
أقول : تقدّم أنّ للإيمان مراتب ، ومن ارتكب الكبيرة ولم يخرج عن الإسلام لم يكن من الكمل إلا إذا تاب. وإنّها كالروايات المتقدّمة في تحديد الكبيرة بالوعيد ، وسيأتي في البحث الأخلاقي ما يتعلّق بالمقام.
وفي ثواب الأعمال عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليهالسلام في قول الله عزوجل : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) قال : «من اجتنب الكبائر ، وهي ما أوعد الله عليه النّار ، إذا كان مؤمنا كفّر الله عنه سيئاته».
أقول : ومثله ما في الكافي عن ابن محبوب. ويستفاد منها أنّ التكفير مشروط بالإيمان ، كما هو المنساق من الآية المباركة ، وأنّ الكافر لو اجتنب لا يوجب التكفير عنه.
نعم ، يمكن أن يكون له أثر في الدنيا أو في عالم البرزخ ، ولا تنافي بينها وبين ما ورد في الفقيه عن الصادق عليهالسلام : «من اجتنب الكبائر كفّر الله جميع ذنوبه ، وذلك قول الله عزوجل» ، أي : مع الإيمان بالله تعالى.
وكيف كان ، فالمستفاد من هذه الروايات وغيرها ممّا ورد من طرق الجمهور عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله وسائر المعصومين عليهمالسلام ، أنّ الكبيرة ما أوعد بالنّار ، والصغيرة هي الذنب الذي لم يوعد بالنار ، أو لم يماثل في الروايات بذنب أوعد فيه.