بقولهم : «إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء النظر إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك» ، وهذا غاية كمال العارفين التي دعا إليها الأنبياء والمرسلون.
وما سوى ذلك ممّا دعا إليه بعض العرفاء كابن الفارض ومحي الدين والحلاج ونحوهم ، وما نسب إلى بعض الشيخيّة على ما صرّح به في شرح زيارة الجامعة ، فإنّ كلّ ذلك خروج عن الحقّ القويم وابتعاد عن الصراط المستقيم.
كما أنّ ترتّب الإحسان إلى الوالدين على عبادة الله الواحد ، يدلّ على فضل الوالدين ، وأنّ لهما المنزلة العظمى في الهداية والتشريع ، وأنّهما من طرق عبادة الله تعالى ، فيختصّان بالوالدين الحقيقيين ، وهما الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام ، كما مرّ في الروايات.
والآية الشريفة ترشد أهل العرفان إلى أهمّ الفضائل التي لا بد من التحلّي بها ، وأهمّ الرذائل التي ينبغي أن يجتنب عنها ، وهي الرياء والكبر والفخر ، فإنّها من المهلكات والمبعدات عن ساحة الحبيب.
كما أنّ الاقتراب منه تعالى إنّما يكون بالإحسان إلى خلق الله تعالى ، وقد استوفت الآية المباركة جميع أصناف الخلق ، فإنّ الإحسان إليهم يوجب محبّته عزوجل إن لم يشب بما يوجب الإحباط وعدم محبّته لله تعالى ، وهو الفخر والكبر والرياء.