(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) ، فإنّها لفظة يتوصّل بها أعداؤكم من اليهود إلى سبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وسبّكم وشتمكم ، (وَقُولُوا انْظُرْنا) ، أي : قولوا سمعنا واطعنا ، لا بلفظة راعنا ، واسمعوا ما قال لكم رسول الله صلىاللهعليهوآله قولا وأطيعوه ، وللكافرين ـ يعني اليهود الشاتمين لرسول الله صلىاللهعليهوآله ـ (عَذابٌ أَلِيمٌ) وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم ، وفي الآخرة بالخلود في النّار.
أقول : يستفاد من هذه الرواية أنّ اليهود كانت تستعمل النفاق وبالإهانة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكشف الله خبث سرائرهم بما تفطّن به معاذ فهدّدهم ، ولعلّ الرواية من باب ذكر أحد الموارد أو التطبيق.
وفي الدلائل للبيهقي : عن ابن عباس قال : «كان رفاعة بن زيد التابوت من عظماء اليهود إذا كلّم رسول الله صلىاللهعليهوآله لوى لسانه وقال : ارعنا سمعك يا محمد حتّى نفهمك ، ثم طعن في الإسلام وعابه ، فأنزل الله فيه الآيات الكريمة».
أقول : الرواية من باب ذكر أحد المصاديق ، فلا تنافي بينها وبين ما تقدّم.
وفي الدلائل للبيهقي ـ أيضا ـ : عن ابن عباس قال : «كلّم رسول الله صلىاللهعليهوآله رؤساء من أحبار يهود ، منهم كعب بن أسد وعبد الله بن صوريا ، فقال لهم : يا معشر اليهود ، اتقوا الله وأسلموا ، فو الله إنّكم لتعلمون أنّ الذي جئتكم به الحقّ ، فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ، فأنزل الله فيهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا).
أقول : الرواية من باب ذكر أحد الموارد ، وإنّ إنكارهم لكلام رسول الله صلىاللهعليهوآله كان عن خبث سرائرهم ولجاجهم ، فكشف الله تعالى ما حوت به قلوبهم من الصفات الذميمة.
وهناك روايات تدلّ على أنّ الآيات الكريمة نزلت في حقّ علي عليهالسلام ، فقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) في علي نورا مبينا (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) ، ولكنّها من باب التطبيق والتفسير.