جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) ، ما ذنب الغير؟ قال عليهالسلام : ويحك هي هي ، وهي غيرها ، قال : فمثّل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا ، قال : نعم ، أرأيت لو أنّ رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردّها في ملبنها وهي هي وهي غيرها».
أقول : وفي هذا المعنى روايات اخرى مرويّة عنه عليهالسلام ، ويستفاد منها امور :
الأول : أنّ المادّة الأوّلية موجودة في هذه التبدلات ، وأنّها تذوق العذاب جزاء لما كسبت وإن تبدّلت بهيئات مختلفة وصور متعدّدة ، وبهذا يرتفع كثير من الشبهات الواردة على المعاد الجسمانيّ ، كشبهة الآكل والمأكول وغيرها.
الثاني : يستفاد منها أنّ تغيير الهيئة يوجب الاختلاف في ألم العذاب وطعمه الشدّة أو الضعف أو النوع ؛ لأنّ للحادث أثرا خاصّا غير ما هو السابق ، كما ثبت في محلّه.
الثالث : أنّ التبديل إنّما يكون من نفس الجسم ، لا من جلد خارجي.
الرابع : أنّ التبديل استمراري وتدريجي ، لا أن يكون دفعيا كخلع الثوب وتبديله بثوب آخر ؛ لأنّه تابع للنضج وهو يختلف حسب اختلاف الجلد ، ولعلّ ذلك أشدّ عذابا من غيره ، أعاذنا الله تعالى منه.
الخامس : يختلف زمان التبديل حسب اختلاف نضج الجلد ، وذلك حسب شدّة النّار واختلاف الطبقات المعدّة للمجرمين ، ففي بعض الروايات كما في الدرّ المنثور : «في ساعة مائة مرّة» ، وفي الاخرى : «مائة وعشرين» ، وهذا الاختلاف لا يضرّ بما ذكرنا ، ولا فصل في العذاب عند التبديل لأنّه بنفسه عذاب.
السادس : يستفاد منها التقريب الذهني بتمثيل ما في الآخرة بما في الدنيا ، سواء كان في الجنّة كما في كثير من الروايات ، أم في النّار كما في المقام.
السابع : يستفاد منها أنّ تبديل الجلد بالآخر إنّما يكون مثل الجلد السابق وبأوصافه ، لا أن يكون أسمك مثلا أو بلون آخر غير الأوّل.
نعم ، في الدرّ المنثور أنّه يكون بيضاء ، ولعلّ ذلك بملاحظة لون الجلد