وهذا عمدة جهات الفرق بين الزيادة وغيرها من وجوه التصرّف وبين القرآن المجيد وسائر الكتب المنزلة على ما هو الظاهر من شأنها. فان القرآن المجيد نزل معجزا بألفاظه ومعانيه ، بحيث يعجز الخلق عن الاتيان بآية مثله في أنظار الالباب ، بحيث يرونه مماثلا له ؛ مضافا إلى ان التحريف على تقدير وقوعه إنّما هو من فعل رؤساء المنافقين وأتباعهم ، ولو كان بنائهم على الزيادة لزادوا فيه ما يشيّد به أركان باطلهم ، ويهدم به الحقّ. فلمّا لاحظنا آيات القرآن لم نجد شيئا منه يؤسّس شيئا من باطلهم ، ولا يدلّ على شيء من أضاليلهم الّتي كانوا ساعين في إقامتها ، ولا مقيما سوق رياستهم.
وما يترائى منه فى بادئ النظر أمر لا يوافق الاصول الصحيحة ، فبعد تدقيق النظر فيه واستعمال العقل المبرّء عن وساوس الشيطان في فهمه يظهر خلافه ، وأنّه (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). على أنّه لو أدخل فى القرآن ما ليس منه ، لكان ذلك أولى ببيان المعصومين عليهمالسلام إيّاه من النقيصة الّتي وردت بها الاخبار الكثيرة. ولم أظفر إلى الآن بخبر واحد يدلّ على زيادة آية واحدة بخصوصها ، سوى ما يترائى من رواية الاحتجاج الاخيرة مع معارضتها فى مورده بغيره ظاهرا ، وعدم موافقة العقل لهذا المعنى المترائى منه ؛ إذ الآيات المذكورة لها معان صحيحة يحكم العقل بصحّتها من دون أن يلزم منه انتقاص بالنبيّ صلىاللهعليهوآله على طبق ما ورد بعضها في كلامهم ، بل في الرواية المذكورة إشكال آخر ، وهو أنّه كيف يخاطب الزنديق بما فيه لغوية حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة عن ملّتنا على ما صرّح به فيه ؛ إذ لا نجد فرقا بين التصريح بزيادة آيات مخصوصة وبين بيانه إجمالا ؛ بل الثاني أضرّ بالعقائد ؛ إذ يسرى به الشكّ إلى جميع ما في القرآن ، مع أنّ المترائى من ذيلها بيان بعضها. على أنّي لم أجد ألفاظ الخبر وكيفيّة بيانه على أسلوب سائر أحاديثهم ، لكنّي لا أردّه ولا أنكره مع ذلك كلّه