المتقدّم كثير منها ، وليس هذا المقدار من التصرّف مقصورا على طريقتنا بل على طريقة العامّة ؛ إذا لاحظ المنصف اختلاف القرائات بين السلف ظنّ وقوع أمثال ذلك في القرائات الشائعة ؛ إذ ليس كلّ شاذّ باطلا ولا كلّ مشهور أصيلا.
وأمّا النقصان في الجملة ، فعلى طريقتهم ليس ببعيد ، وعلى طريقتنا فالظاهر وقوع الكثير منه.
وأمّا التحريف البالغ الزائد على أمثال ما اختلف فيه القرّاء فغير ظاهر ، ويدلّ على عدمه ما روي عن الكليني باسناده عن أبي جعفر عليهالسلام في رسالته إلى «سعد الخير» :
«... وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ـ الحديث.» (١)
ولا أستبعد أن يكون جملة ممّا ورد في أخبار التحريف في خصوص الآيات محمولا على تحريف المعنى دون اللّفظ ، فتكون تلك الأخبار مبيّنة لمعانيها لا لألفاظها (٢) ، ويؤيّده عدم ظهور أسلوب القرآن فيما ورد في بعضها. وأمّا إجراء هذا الاحتمال في الجميع وإنكار التصرّف في الألفاظ رأسا ، فبعيد جدّا. والله العالم.
__________________
(١) الكافي ، ج ٨ ، ص ٥٢ ، ح ١٦ ، والصافي ، ج ١ ، المقدّمة السادسة ، ص ٣٤.
(٢) كما احتمله الفيض (رض) في علم اليقين ، ج ١ ، ص ٥٦٥ ، إذ قال : «ان مرادهم ـ عليهمالسلام ـ بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعنى دون اللفظ ، أي : حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أي : حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الامر.» ونظيره ما قاله في الوافي ، ج ٢ ، باب اختلاف القرائات من أبواب القرآن ، ص ٢٧٤ ، والصافي ، ج ١ ، المقدمة السادسة ، ص ٣٤.