قال : كتاب الله الثقل الأكبر طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به لن تضلّوا ولن تزلّوا ؛ والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، فانّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كاصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين سبّابته والوسطى ـ ، فتفضل هذه على هذه» (١).
وروايات الثقلين على اختلاف ألفاظها كثيرة من الفريقين متواترة.
ولا يخفى عليك أنّ الكتاب كتابان : كتاب صامت ، وكتاب ناطق مشتمل على ما اشتمل عليه الصامت ، كما أنّ الصامت مبيّن لما اشتمل عليه الناطق ؛ كمناهاة مكتوب القرآن لملفوظه ، فهما كالسبّابتين ، وكلّ منهما دالّ على الآخر ؛ كالمرآتين المتقابلتين اللّتين يظهر في كلّ منهما الآخر بما انعكس فيها. فانّ كلّ ما اشتمل عليه القرآن من معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله وآثاره ، ومعرفة حقائق الاشياء في المبدء والبرزخ والمعارف ووجوه الحكمة فيها ، وبيان صفات المواليد الثلاثة وأحوال الانسان وشقاوته وسعادته وما يؤدّي إلى كلّ منهما ، وبيان ما وقع وما يقع ، وأحكام الله سبحانه ، وغيرها ممّا يدلّ عليها دلالة لفظيّة ، موجودة في نفس الامام عليهالسلام منقوشة بالوجود العلميّ الّذي هو أعلى مرتبة من الوجود اللّفظيّ والكتبيّ. وكلّ ما يحكي عنه القرآن بجميع أنواعه حكاية لفظيّة وضعيّة يدلّ عليه علوم الامام عليهالسلام دلالة علميّة مرآتيّة. فكما أنّ المطّلع على ألفاظ القرآن ينتقل منها إلى تلك المعاني كذلك المطّلع على علومه ينتقل إليها ، وكلّ أثر يوجده الأوّل من التّقريب والتّعريف والتّعليم ، والبشارة والانذار ، والتكميل
__________________
(١) القمّيّ ، ج ١ ، مقدّمة الكتاب ، ص ٣ ؛ والبحار ، ج ٢٣ ، باب فضائل أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ، ص ١٢٩ ، ح ٦١.