وعن جعفر بن قولويه باسناده إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال :
«لا يعجبني أن يقرأ القرآن في أقلّ من شهر.» (١)
ولعلّ السرّ فى ذلك هو لزوم الاخلال بآداب القرائة من الترتيل والتدبّر وغيرهما على تقدير الافراط ، أو حدوث القساوة في القلب وعدم تأثّره من مواعظه ، كما ربّما يشاهد نظيره عن بعض من يدمن حضور مجالس الوعّاظ ومحادثتهم ، فانّه أبعد تأثّرا من المقتصدين ، أو حدوث الكسل عن هذه العبادة الشريفة وإدبار النفس عنها ، وكراهتها إيّاها ، مع أنّ النشاط في العبادة والاقبال عليها مطلوب.
وأمّا شهر رمضان ، فانّ المواظبة فيه على العبادة أكثر ، فربّما يسهل عليه مراعات الآداب مع الاكثار ، والقلب فيه رقيق من جهة الصوم ، فلا يحدث للمتّقي قساوة ، والنشاط فيه للعبادة وقلّة الكسالة وإقبال القلب مشاهد من أهل العبادة ، كما يظهر بأدنى تأمّل في تفاوت أحوالهم فيه بالنسبة إلى سائر الشهور. مع أنّ فيوضات ذلك الشهر ربّما تمدّ المتّقي باطنا ، وتصير سببا لظهور بركات القرائة لأهله ، وقبول ما لم يكمل فيه آدابه. ولعلّه لذا ورد فيها الاذن في الختم في كلّ ليلة ، بل استفاد الرخصة في أربعين ختمة في مجموع الشهر. ولعلّ الاشارة فيما رواه الكليني إلى ما مرّ باسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
«لكلّ شيء ربيع ، وربيع القرآن شهر رمضان.» (٢)
ومنه يظهر قوّة احتمال اختلاف الأشخاص في المقدار الّذي ينبغي له من الجزء الواحد من ثلاثين جزء إلى السدس من القرآن ، بل ورد في رواية «إبراهيم بن العباس» أنّ الرضا عليهالسلام كان يختمه في كلّ ثلاث ويقول :
__________________
(١) نفس المصادر.
(٢) الكافي ، ج ٢ ، باب النوادر من كتاب فضل القرآن ص ٦٣٠ ، ح ١٠ ؛ ورواه أيضا الصدوق (ره) في ثواب الاعمال ، ص ١٢٩ ؛ وفي المجالس والمعاني كما في الوسائل ، ج ٤ ، باب ١٨ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٥٣ ، ح ٢.