وعن العيون والعلل عنه عليهالسلام مثله (١).
فانّ التسمية بهذه الكيفيّة متحقّق بمقام العبوديّة الّتي هي علامة الربوبيّة ومظهرها ، فانّ العبوديّة فناء وتبعيّة وقابليّة وسؤال والتجاء واعتصام واستمداد ، والربوبيّة كمال وجود وإعطاء وإمداد وإيجاد ونفاذ كلمة وتأثير ، والاوّل علائم ومظاهر للآخر ، والمسمّى بذلك المعنى دال على ربّه فاعل به ، وتاركها كذلك مظهر نفسه في فعله ، ومحتجب عن ربّه بذاته وصفاته وأفعاله. والعلامة ما كان كاشفا عن المعنى الّذي هي علامة له ، لا حاجبا ساترا عنه. فمن وضع التسميه على نفسه فقد وسم نفسه بسمة الله وعلامته.
ومناط التفرقة بين الوجهين ، وأصله ومبدئه أن كلّ ممكن زوج تركيبي ومركّب من وجود ومهيّة ، والاوّل هو جهته من ربّه وفعل لربّه ، والثاني جهته من نفسه وقابل لفعل الحقّ بمنزلة المادّة والصورة الفعليتين ، وجهة الوجود هو مبدء توجّهه إلى الحقّ ، وهو مبدء كلّ خير ، وجهة المهيّة نظره إلى نفسه بما هي هي ، وهو مناط الاحتجاب عن الحقّ ودعوى الأنانيّة ، وهو مبدء كلّ شرّ يصدر منه ، كما أنّ الجهة الاولى جهة كون الشيء آية لربّه وحاكيا عنه ومظهرا له ، والجهة الثانية مبدء كونه حجابا له ، فانّه سبحانه تجلّي لخلقه بخلقه واحتجب به عنه (٢) ؛ كما ورد في كلماتهم عليهمالسلام (٣).
__________________
(١) العيون ، ج ١ ، باب ٢٦ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٩ ، بنفس الاسناد. وأما موضعه في العلل ، فلم نظفر عليه.
(٢) في المخطوطة : «بها عنها».
(٣) يوجد هذا المعنى في كثير من كلماتهم وخطبهم ـ عليهمالسلام ـ في التوحيد ؛ كخطبة أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ خطبها للناس بالكوفة ، ورواها الكليني (ره) في الكافي ، ج ١ ، باب جوامع التوحيد ، ص ١٣٩ ، ح ٥ ، عن إسماعيل بن قتيبة ، عن الصادق ، عنه ـ عليهماالسلام ـ ، فانه ـ عليهالسلام ـ قال : «... الحمد لله ... الدالّ على وجوده بخلقه ـ إلى أن قال : ـ ولا تحجبه الحجب ، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم.»