وقيل : «من الوله وهو ذهاب العقل سواء فيه الواصلون إلى ساحل بحر العرفان ، والواقفون في ظلمات الجهالة وتيه الخذلان.»
وقيل : «من أله الفصيل إذا أولع بامّه ؛ لانّ العباد تتضرّع إليه في البليّات.» وعن الخليل ومتابعيه وأكثر الاصوليّين والفقهاء من العامّة أنّ : اسم الجلالة ليس بمشتقّ ، واسم علم له سبحانه ، واحتجّ لذلك بأنّه : لو كان مشتقّا لكان معناه كلّيّا لا يمنع نفس تصوّره عن وقوع الشركة فيه ، فلا يكون «إلا الله» موجبا للتوحيد المحض ؛ وبأنّ : الترتيب العقلي ذكر الذات ثمّ نعته بالصفات ، وإنّا نقول : الله الرحمن الرحيم العالم القادر ، ولا نقول بالعكس ، فدلّ على أنّه اسم علم ؛ وبأنّه : لو كان صفة وسائر أسمائه صفات لم يكن للباري تعالى اسم ، ولم يبق العرب شيئا من الاشياء إلا سمّته ، ولم تسمّ خالق الاشياء ومبدعها (١) ؛ هذا محال.
أقول :
الّذي يظهر لي في المقام أنّ الاله الّذي هو الاصل في الله على ما عرفت ، وصرّح به في الرواية المتقدّمة ، ويظهر من سائر الروايات أيضا هو : فعال بمعنى مفعول ؛ كالكتاب بمعنى المكتوب ، من أله بمعنى عبد ، كما صرّح به جماعة (٢) وأصل العبودية الخضوع والذلّ ، كما صرّح به الجوهري ، وربّما فسّر بغاية التذلّل ، ولعلّه لانصراف اللّفظ إلى الفرد الكامل ، فيكون الاله هو : المعبود الّذي لأجله يقع الخضوع والتذلّل الكامل.
ثمّ إنّ المعبود تارة يعتبر ويؤخذ بالاضافة إلى شخص خاصّ فيقال : معبود زيد ، وتارة يؤخذ مطلقا ، وعلى الاوّل فلا يبعد انصرافه إلى من كان شأنه أن
__________________
(١) تجد هذه الاقوال والدلائل التي أقيم في إثبات قول الاخير في التفسير الكبير ، ج ١ ، ص ١٢١ ـ ١٢٥ ؛ وتفسير النيشابوري ، ج ١ ، ص ٢٤.
(٢) كالفيومي ، فراجع المصباح.