أن يخلّصك من ورطتك؟ قال : نعم.
قال الصّادق عليهالسلام : فذلك الشيء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي ، وعلى الاغاثة حيث لا مغيت.» (١).
والظاهر أنّ السبب في ذلك رجوع الكافر حال اضطراره إلى فطرته المحجوبة ، وظهور تلك المعرفة وفعليّته.
ولا يخفى عليك أنّ الالتجاء والاستغاثة والسؤال والفزع كلّها من شئون العبوديّة والخضوع والتذلّل ، بل هي تذلّلات وخضوعات حاليّة ، كما أن الاطاعة بالجوارح عبوديّة ، بل أغلب النفوس لا تخضع ولا تتذلّل إلا عند الحاجة : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى.)(٢)
فالعبوديّة أصلها الخضوع والتذلّل ، ولها أغصان وفروع وآثار يصحّ إطلاق العبوديّة على كلّ منها أيضا. ألا ترى أنّ السجدة عبادة جوارحيّة ، ولها معنى قلبيّ هو السجدة القلبيّة؟
وبما فصّلنا يتّضح أنّ الله هو أعظم اسم من أسماء الله سبحانه ، الحاكية عن صفات الذات وصفات الافعال في مقام الظهور باعتبار دلالته على المعبوديّة المطلقة ، المشتملة على جميع شئونها من صفات الذات وصفات الافعال ، والعبوديّة مساوقة لعالم الامكان ، وكلّ حادث عبد ؛ (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً.) والعبوديّة وجهة العبد إلى سيّده ، والعابد إلى معبوده ، والرابطة والوسيلة ، والله سبحانه معبود بذاته وصفاته وأفعاله وآثاره. ولو اغمض النظر عن واحد منها لم يكن معبودا مطلقا ، فلو خرج عن مدلول كلمة الجلالة اسم من أسمائه الظاهرة لم يكن باعتباره معبودا ، فخرج مظاهر ذلك الاسم عن دائرة العبوديّة
__________________
(١) راجع تعليقة ٢ ص ٢١١.
(٢) العلق / ٦ ـ ٧.