فيه إرادة ظهور مظاهر الالوهيّة بمعنى المعبوديّة ، ومحالّها ومتعلّقات إشراقها ، فكأنّ الاله لمّا كان بمعنى المعبود بالاستحقاق ، والاستحقاق بالصفات واقع على الاشياء وقوع الشخص بصورته في المرآة ظاهر بها ، اشتقّ اسم المفعول منه بهذا الاعتبار ، فمعنى المألوه متعلّق الالوهيّة بمعنى المعبوديّة.
وممّا فصّلنا ظهر اندراج سائر الاحتمالات في المشتقّ منه تحت ما ذكرنا على وجه يظهر للمتأمّل فيما ذكر ، فلا نطيل ببيانها ووجه الجمع بين الاخبار الواردة في ذلك وانطباقها على القواعد اللّفظيّة ، فلا تغفل.
ثمّ اعلم أنّه يشبه أن يكون حقيقة اسم الجلالة بمعنى الاسم العينيّ الواقعي ، لا اللّفظيّ والكتبي ، هو حقيقة الامكان والافتقار الذاتي الّذي هو مفتاح خزائن الجود والعطاء بعنوان مطلق ؛ إذ العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة ، إذ الربوبيّة الذاتيّة معناها ومدلولها ، والربوبيّة الفعليّة أمر ظاهر فيها ومتأخّر عنها ؛ إذ مرتبة العبوديّة مرتبة القابليّة ، والربوبيّة الفعليّة مرتبة الفعليّة ، والقابليّة شرط الفعليّة ومعدّ لحصوله ، أو التربية بعد الوجود المتأخّر عن القابليّة ، فكأنّ حقيقة هذا الاسم هو القابليّة والامكان الكلّي ، الّذي حقّق قابليّات الاشياء وإمكاناتها وافتقاراتها إلى ما ينبغي لها ؛ إذ في هذه المرتبة يظهر العبوديّة وقبله لا عبد ولا عبوديّة ، ولا يصحّ اعتبار شيء منهما فعلا ، وفيها يصحّ اعتبار التذلّل والخضوع ، والسؤال والتضرّع بلسان الحال ، وامتثال خطاب «كن» بقبول الكون ، والتداعي والاتّصاف به ، وهي الرابطة بين الحقّ والخلق ؛ (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ)(١). ولعلّه المراد ممّا نسب إلى بعض العارفين من أنّه إذا تمّ الفقر فهو الله ، فتبصّر.
__________________
(١) الفرقان / ٧٧.