(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.)
والثاني الرحمة الثانية والاكتسابيّة والمجازاتيّة ب (أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى * ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) ، (١) كما وصف سبحانه : «فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ـ الخ». وهذه الرحمة اختصّت بالسعداء على تفاوت درجاتهم ومنازلهم وحرّمها الاشقياء على درجاتهم في الشقاوة مع شدّة احتياجهم وفقرهم إليه.
فالاوّل الرحمة الرحمانيّة ؛ كما قال سبحانه :
(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ.)(٢)
وقد استوى الحقّ بتلك الصفة على العرش ، فأعطى بها كلّ ذي حقّ حقّه.
والثاني الرحمة الرحيميّة المكتوبة لخصوص أهله على تفاوتهم في درجاتهم ، وميزوا المجرمون منهم بالحرمان ، واعطوا أضداد تلك الرحمة ، وهو المقرون باسم «الغفور» وما في مرتبته. فالاوّل عامّ لم يخلّ منه شيء ، والآخر خاص بالبعض دون البعض مع تفاوت الطائفتين.
فالرحمن اسم خاصّ لصفة عامّة ، والرحيم اسم عامّ لصفة خاصّة كما مرّ في الحديث. (٣)
قال النيشابوري في وجه خصوص الرحمن أنّه : «من حيث لا يسمّى به إلا الله تعالي ، لأنّه من الصفاف الغالبة ، كالدبران والعيّوق.» (٤)
وفي وجه عمومه : «أنّه يشمل جميع الموجودات من طريق الخلق والرزق
__________________
(١) النجم / ٣٩ ـ ٤١.
(٢) الملك / ٣.
(٣) راجع قول الصادق ـ عليهالسلام ـ فى ص ٢٤٦ المنقول عن المجمع.
(٤) «الدبران» : منزل للقمر ، وهو مشتمل على خمسة كواكب في برج الثور ؛ سمّي بذلك لأنه يتبع الثريا. و «العيوق» : نجم أحمر مضىء فى طرف المجرة الايمن ، يتلو الثريا ولا يتقدمها ؛ سمّى بذلك لأنه يعوق الدبران عن لقاء الثريا.