على الشاكر ، وأداء لحقّه في الانعام ، وكلاهما مندرجان تحت الحمد ، ولا يخرج الحمد عنهما إلا إذا لم يقع من جهة الانعام.
ولمّا كان سورة الحمد تعليما للعباد في مخاطبتهم ومكالمتهم مع الله سبحانه على ما يظهر من جملة من الاخبار (١) ، ويوافقه الآيات الاخيرة من السورة ، وكان من حقّ العبد المستغرق في نعم الله سبحانه أن يقصد أداء حقّ النعمة وإن عجز عن إكماله على ما يستحقّه سمّى الحمد شكرا لاندراجه تحت عنوانه بهذه الملاحظة.
ويؤيّد ما ذكرنا من البيان الرواية الاولى وما رواه في الكافي عن الصادق عليهالسلام من أنّه :
«ما أنعم الله على عبد بنعمة ، صغرت أو كبرت ، فقال : الحمد لله ، إلا أدّى شكرها.» (٢)
ويمكن أن يكون في تفسير الحمد بالشكر إشارة إلى تعميم الحمد للثناء بلسان القال ، والثناء بلسان الحال ؛ إذ حقيقة الشكر على ما ذكره بعضهم إشاعة النعمة والابانة عنها ، فيعمّ ما كان باللّسان أو العمل أو القلب ، ونقيضه الكفران
__________________
(١) كالروايات المشتملة على بيان فضائل هذه السورة ، ومعاني آياتها ، وبيان أنها تشتمل على تمجيد الله سبحانه وثناءه وشكره ، والاقرار برحمانيته ورحيميته وربوبيته ، ومالكيته في يوم الجزاء واختصاصه في العبادة والاستعانة ، وطلب الهداية منه ، والاستعاذة به من الوقوع في طرق الضلال والمهالك ، وقد ذكر بعضها المؤلف (ره) في آخر تفسير هذه السورة ، فراجع.
واعلم أن الاخبار الواردة في آداب الدعاء واستحباب تقديم تمجيد الله سبحانه وثناءه قبله مؤيّدة لذلك أيضا ، فراجع الوسائل ، ج ٤ ، باب ٣١ من أبواب الدعاء.
(٢) الكافي ، ج ٢ ، باب الشكر ، ص ٩٦ ، ح ١٤ ، عن صفوان الجمّال ، عنه ـ عليهالسلام ـ ؛ والبحار ، ج ٧١ ، باب الشكر ، ص ٣٢ ، ح ٩.