بأسمائه وأفعاله ، فيكون الاوّل قاطعا للثاني لكونه فصلا بالنسبة إلى الثاني ، وهو وصل بالنسبة إليه. وإمّا باعتبار أنّ قول (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) كان كلام الحقّ يرد عليه صلىاللهعليهوآله ويقوله صلىاللهعليهوآله ، لا كلامه بخلاف شكرا ؛ إذ كان هو ممّا أنشأه صلىاللهعليهوآله أداء لحقّ النعمة ، فكان كلام نفسه قاطعا لكلام ربّه وإن وقع تقرّبا إليه سبحانه ، ولاختلافهما في ذلك كان الاوّل قرآنا وجزء من المصحف بخلاف الثاني.
ويشبه أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآله عند قرائة (رَبِّ الْعالَمِينَ) توجّه نحو معنى المضاف إليه ، وأوّل شيء يظهر من (الْعالَمِينَ) نفس القاري والالتفات إلى نفسه من حيث كونه مربوبا ، خصوصا في مثل ذلك الحال المغمور بالتوجّه إلى الحقّ ، وإنعام الحقّ وإقباله إليه يستدعي الشكر منه ، ويكون هذه الحالة قاطعا للحمد الّذي هو الثناء على المحمود فقط ، فلزم تكرار اسم الحقّ سبحانه ، وتكميل التوجّه إليه سبحانه ، وإفناء ملاحظة النفس.
ولمّا كان هذه الحالة ، أعني الالتفات إلى المربوبين والنفس من الاحوال المشتركة بينه صلىاللهعليهوآله وبين سائر الّذين يتلون الكتاب حقّ تلاوته ، كان كمال السورة في وقوع التكرار الصوري ليحصل به محو ما كان ، والترقّي إلى ما بعده ، ولا يكفي في ذلك المحو الاسم الاخير ، إمّا لخفائه عن مدارك النوع الانساني الاوحدي منهم ، أو لأنّ ظهوره مطلقا انّما هو باقتضاء سائر الاسماء كالرحمة ، فقبل التسمّي بها لا يظهر ، أو لانّه وحده غير كاف لجمع القلب عن مقام الفرق الى عين الجمع ، والله العالم.