في الخارج ، فربّما يفرض كأن لم يكن ، لا أنّ الايصال إلى المطلوب معنى آخر للهداية مستقلا ، بل هو ظهور إرائة الطريق في آثاره وغايته المقصودة منه ، كما أنّ كلّ شيء لا يترتّب عليه غايته المقصودة منه ربّما نزّل منزلة عدمه.
قال الجوهري : «هديته البيت هداية أي : عرّفته ؛ هذه لغة أهل الحجاز ، وغيرهم يقول : هديته إلى الطريق وإلى الدار ، حكاها الاخفش.»
والصراط جادّة ، لأنّه يسترط السابلة ؛ أي : يبتلع أبناء السبيل المختلفين ، وقيل : «لأنّهم يسترطون الطريق.»
والمستقيم ما لا عوج فيه.
وربّما ظهر من الروايتين أنّ المراد بالهداية هنا هو إعطاء الهداية والرشاد على وجه يترتّب عليه لزوم الطريق ، ويعبّر عنه بالتوفيق ، فانّ الهداية من شأنها التأثير في العمل على حسبها ، فان لم يؤثّر فإمّا لنقصان فيها لعدم كمالها ، أو لمانع يمنع من تأثيره. ولمّا كان المقصود بالدعاء هو الهداية الكاملة المؤثّرة فسّرت بالتوفيق تارة ، والارشاد للزوم الطريق أخرى ؛ إذ الهداية الّتي لا تؤثّر في العمل ولا يتبعها صاحبها ربّما كان ضررها أكثر من منفعتها ، لأنّه أشدّ تقصيرا من الجاهل ؛ «يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد.» كما في الحديث (١).
وأمّا تفسير الهداية بإدامتها فليس مجازا ؛ إذ العبد في كلّ وقت وحال محتاج إلى الهداية ، ولو كان مجازا فلعلّه باعتبار مقامه صلىاللهعليهوآله حيث اجتمع له جميع أنواع الهداية إلى الصراط فعلا.
__________________
(١) رواه الكليني (ره) في الكافي ، ج ١ ، باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الامر عليه ، ص ٤٧ ، ح ١ ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام.