سابقا ، فهو بمنزلة الاصل لها يدلّ عليها دلالة السبب الصوري على مسبّبه. وإن جعلنا الباء لمحض الربط بين اسم الحق والخلق ، فمن الظاهر أنّ أصل كلّ الاشياء المخلوقة هو الربط الحاصل بينها وبين اسم الحق ، إذ لو لم يكن ذلك الربط تمّ لكانت معدومات صرفة لا خبر عنها ، ولا شيئية ولا ذات ولا صفة ، فذلك الربط هو الاصل الحافظ لها المحيط عليها.
ولعلّ من ذلك يظهر الوجه فيما يروى من أنّه : «ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم» (١).
وأمّا اشتمال النقطة على ما في الباء ، فيمكن أن يراد به محلّ ظهور الباء وحامله ومعيّنه ومظهره ، كما أنّ النقطة الكتبيّة يظهر الباء ويعيّنه من بين مشاركاته ، وهو محلّ لظهوره وحامل لظهوره. وحينئذ فهو حقيقة الامام عليهالسلام الحامل لذلك الاسم ومظهره ، ومظهره في العالم ومعيّنه فيه.
ويمكن أن يراد بالنقطة النقطة الّتي هي أصل الالف وسائر الحروف ، وهو حكاية عن الاسم البسيط على الالف فضلا عن الباء ، وهو على بساطته محيط بالباقي. وحينئذ فيصحّ إطلاق كونه تحت الباء كاطلاق كون المعنى تحت اللّفظ ؛ إذ هو باطن يحكي عنه الباء ، ومكنون مكتوم تحته بذاته وإن كان ظاهرا بقالبه الّذي هو الباء ولو بالواسطة. وعلى هذا فكونه عليهالسلام نقطة باعتبار كون النقطة مقامه ورتبته عند الحقّ واتّحاده معها باعتباره ومظهريّته لها باعتبار آخر.
ويصحّ أن يجعل تحت الباء من صفات المبتدأ لا الخبر ، فيكون مفاد الكلام أنّه حينئذ عين النقطة مع كونه تحت الباء باعتبار نزوله عن مقام الحقيقة المحمّديّة صلىاللهعليهوآله.
وبما مرّ في شأن هذه السورة يظهر وجه لكون (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلث
__________________
(١) نقله الشيخ رجب البرسي (ره) في مشارق أنوار اليقين ، ص ٣٨.