والانقياد.
وحينئذ فيكون أصل الكفر هو الاستتار والتغطية عن الحق بجهل مركب أو بسيط أو جحود وعناد ، ويترتب عليه أغصان من الاخلاق الرذيلة والحالات والملكات المنافية لحالة الايمان والتسليم ، وفروع هي ثمرة ذلك الاصل ، وهي المعاصي والسيئات.
فالكفر شجرة خبيثة اجتثّت من فوق الارض مالها من قرار في مقابلة الشجرة الطيبة الايمانية المستقرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين باذن ربّها (١).
والمقابلة واقعة بينهما في جميع المقامات من مقام العلم والقبول والاخلاق والملكات والنيات والاعمال ، وفي النتائج والآثار المترتبة على كل منها.
وكما أنّ الكفران بالنعم من أغصان الكفر كذلك الشكر من شعب الايمان وكما أنّ المعصية كفر فرعي كذلك الطاعة إيمان فرعي ، وكما أن البرائة من الله وأوليائه كفر كذلك التولّي لأولياء الله سبحانه ايمان ، وكما أن هناك إيمان لساني وهو نفاق فهيهنا كفر لساني من دون موافقة القلب له ، وهو ليس كفرا عند التقية : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٢). وكما أنّ هناك أمرا آخر هو روح الايمان فالظاهر أن هيهنا أيضا أمر هو روح الكفر ، وهو مظلم كما أنّ الاول منور ، أو نور بنفسه.
وبهذا البيان ينطبق أقسام الكفر المذكور في كلامه عليهالسلام ، وبه يمكن الجمع بين معظم الاخبار التي ربما يترائى منها التعارض.
وهذا ذكر إجمالي وقع هنا بالمناسبة ، ولعل التفصيل يظهر لك فيما بعد
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى في سورة إبراهيم ، آية ٢٤ ـ ٢٦.
(٢) النحل / ١٠٦.