وعن العياشي ، عن الصادق عليهالسلام أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سئل فيما النجاة غدا؟ فقال مثله إلى قوله : «شرك بالله» بتفاوت ما في النسختين في الالفاظ (١).
وفيه دلالة على أنّ مخادعة الله لا يختص بالمنافق المعروف ، بل يعمّ المرائي الآخذ ببعض شعب النفاق أيضا. وفيه تأييد للتعميم المذكور في معنى النفاق ، وبيان مخادعة المرائي إن حمل لفظه ، ثمّ على التراخي عن تمام الفعل ، فينحصر بالرياء المتأخر عن العمل ، [ف] إنه عقد العمل على أنه لله سبحانه ، وفعله على هذا الوجه الخالص ، ثم إنه أراد به غيره ، وجعله للناس طلبا للجاه وغيره من بواعث الرياء ، فصيّره للناس ثانيا بعد كونه لله سبحانه ، فهو كأجير عمل عملا لشخص ، ثم عارض ذلك العمل مع غيره بأجرة يطلبها منه وسلّمه إليه. فهذا صورة الخدعة ، فان لم يلتفت بأنّ الله سبحانه مطلع على حال قلبه ونيّته فربما يتخيل إليه أن جزاء العمل ثابت بحاله ، ويريد منه سبحانه الجزاء ، ويحاسب في نفسه أنه قد فاز بالجزائين ، كما أنّ المعاملة الثانية مما لم يطلع عليها الحق سبحانه ، وأن رجوعه عمّا عقد عليه العمل لم يكن بمحضر الحق سبحانه ، فيكون بذلك مخادعا لله سبحانه ، وغادرا وخاسرا لحبط عمله ، وفاجرا لكونه عاصيا به ، وكافرا لحسبانه عدم اطلاع الحق عليه ، إما في مقام الاعتقاد إن كان معتقدا لذلك ، أو في مقام التذكر والتصور إن كان ذلك فيه. وهو أيضا من شعب الكفر وأغصانه على المعنى المتقدم. وهذا شرك في العبادة لله سبحانه حيث أراد بعبادته غيره ولو حمل لفظه.
ثمّ على التأخر من ابتداء النية أو العمل فيكون الخبر في الرياء المقارن لجزء العمل أو لكلّه بعد انعقاد العزم على وجه الخلوص ، ويجري فيه نحو البيان
__________________
(١) العياشي ، ج ١ ، ص ٢٨٣ ، ح ٢٩٥.