والمراد ممّا نقل عن الحديث من أنه : «أمير الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه» (١) ، فإنّ أمير مجموع أجزاء الانسان وإن كان هو الروح القدسي ، لكن أحكامه في الجوارح يظهر بتوسط القلب المذكور ، وهو محل ظهور الارادات وغيرها من الاحوال وما ورد في الحديث من إطلاق الآنية على القلب (٢).
ولا يبعد أن يطلق القلب أيضا على الروح المجرد بملاحظة اتصاله المعنوي وارتباطه إلى القلب المذكور وكون القلب مظهرا لآثاره وأحكامه.
__________________
ـ السلام ؛ والصدوق (ره) في المعاني ، باب النوادر ، ص ٣٩٥ ، ح ٥١ ، بهذا الاسناد عنه ـ عليهالسلام ـ. وأصل كلامه ـ عليهالسلام ـ هو :
«إن القلوب أربعة ، قلب فيه نفاق وايمان ، وقلب منكوس ، وقلب مطبوع ، وقلب أزهر أجرد. فقلت ـ يعني الراوي ـ : ما الازهر؟ قال : فيه كهيئة السراج. فأما المطبوع فقلب المنافق ، وأما الازهر فقلب المؤمن ، إن أعطاه شكر وإن ابتلاه صبر ، وأما المنكوس فقلب المشرك ، ثم قرأ هذه الاية : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.) (الملك / ٢٢) فأما القلب الذى فيه إيمان ونفاق فهم قوم كانوا بالطائف ، فان أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك ، وإن أدركه على إيمانه نجا.»
ونقله أيضا المجلسي (رض) في البحار ، ج ٧٠ ، باب القلب وصلاحه وفساده ، ص ٥١ ، ح ١٠ ، وقال فى شرحه في المرآة : «يمكن أن يكون المراد هنا بالنفاق : التزلزل فى الايمان ، أو الرياء ، أو عدم العمل بمقتضى الايمان ، فيشمل ارادة المعاصى والاصرار عليها.»
(١) نقله الطريحي (ره) في مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٤٧.
(٢) لم نعثر عليه بهذا اللفظ ، ولكن يشهد له ما قاله أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ لكميل بن زياد النخعي ، قال ـ عليهالسلام ـ : «يا كميل بن زياد ، إنّ هذه القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها ...» راجع نهج البلاغة ، ص ٤٩٥ ، ح ١٤٧.