وفي الصحاح : «القلب : الفؤاد ، وقد يعبّر به عن العقل ؛ قال الفراء في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ)(١) أي : عقل.» انتهى.
والذي يظهر لى في المقام أنّ للقلب الصنوبري الحسي باطن هو غيب بالنسبة إلى العالم المادي ، وهو مشكّل ، كما أن اللحم مشكّل وهو الذي يدخله الامور المعنوية ويخرج منه ، وهو محلّ الاحوالات النفسانية من الخوف والرجاء ، والحب والحياء والخجل ، والغم والفرح وغيرها ، ويظهر آثاره في هذا القلب الظاهري ؛ كحصول الاضطراب للقلب الجسماني عند حدوث الخوف في ذلك القلب لما بينهما من المناسبة التامة ، كما يظهر آثاره في الروح الحيواني من الانبساط والانتشار في حال الفرح ، والانقباض في حالة الغم ونحوها أيضا ، وأن هذا ليس هو اللطيفة الربانية الروحانية التي يعبر عنها بالروح والنفس أحيانا وبالانسان أيضا ، وهو المخاطب والمكلّف بالحقيقة والاصالة ، بل هذا القلب المعنوي واقع بين الامر المذكور والقلب المادّي الكثيف ، وواسطة وبرزخ بينهما ، وليس له مرتبة تجرد ذلك اللّطيفة ، ولا دنائة كثافة اللّحم الصنوبري ، بل هو من حيث قبول التشكل والصورة موافق للثاني ، ومن حيث تجرده عن المادة الكثيفة يخالفه ويوافق الاول.
والظاهر أنه المراد بما نقل عن الحديث من أنّ :
«القلوب أربعة : قلب فيه نفاق وايمان ، إذا أدرك الموت صاحبه على نفاقه هلك ، وإن أدركه على ايمانه نجا. وقلب منكوس ، وهو قلب المشرك. وقلب مطبوع ، وهو قلب المنافق. وقلب أزهر أجرد. وهو قلب المؤمن فيه كهيئة السراج ، إن أعطاه الله شكر ، وإن ابتلاه صبر.» (٢)
__________________
(١) ق / ٣٧.
(٢) هو مضمون كلام الامام الباقر ـ عليهالسلام ـ ، وقد رواه الكليني (ره) في الكافي ، ج ٢ ، باب في ظلمة قلب المنافق ، ص ٤٢٢ ، ح ٢ ، عن سعد ، عنه ـ عليه ـ