وأن يكون ذكرا لتأويلها وبيانا لاجرائها عليهم في مقدّمة البيعة وقبول الولاية ، وإجراء للآيات بتمام ما فيها فيما فعلوه ، وإثباتا لمساواتهم للمنافقين الّذين وردت في شأنهم الآيات في جهات الشناعة والقباحة ، وتطبيقا بينهم وبين هؤلاء في مدلول الآيات.
والاوّل وإن كان أقرب بظاهر لفظ الرواية على ما يترائى منها ، لكنّ الثاني أقرب بملاحظة بعض القرائن الخارجيّة ، وملاحظة كثرة ذكر التأويل في مقام يترائى منه كونه تنزيلا وتفسيرا وبيانا للنزول على الظاهر فيها ، وإن جرى مثل الاحتمال الاوّل في جملة منها أيضا.
وحينئذ فنقول : كأنّ القائلين الناصحين لهم نصحوهم تارة بنهيهم عن المنكر ، وردعهم عن الفساد بتقبيحهم ما كانوا يفعلون ، فأنكروا ذلك في شأنهم وبالغوا في دعوى خلافه ، وأخرى أمرهم بالمعروف ، وتبصيرهم طريق الخير ، ودعوتهم إلى الطريقة المثلى من متابعة هؤلاء المؤمنين في الايمان ، فرموهم بالسفاهة لفرط سفههم ، وفي ذلك تسلية للعلماء والمؤمنين وأهل الكمال مما يلقى من الجهلة والفجّار وفاقدي الكمال.
و «ما» في «كما» إمّا مصدريّة كما في قوله : (بِما رَحُبَتْ)(١) ، أو كافّة تصحّح دخول الجارّ على الفعل ، فيكون مفاد الكلام تشبيه الجملة بالجملة. وعلى الوجهين فلا يبعد أن يكون مراد الناصحين بعثهم على إيمان مشابه لايمان الناس ومماثل لهم لا التشبيه في أصل الايمان. وحينئذ فالمراد بالناس رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن معه ، وهم ناس معهودون أو الكاملون في الانسانيّة ، الّذين آمنوا بألسنتهم وقلوبهم ، فيطابق الاوّل مصداقا ، بل ربّما يكون أخصّ منه ، كما ورد في الحديث على ما ببالي :
__________________
(١) التوبة / ٢٥ و ١١٨.